وجد الـعـــصفــور عشاً
كانت هوايتي المفضلة منذ زمن طويل تربية العصافير الملونة ونباتات الزينة. فالعصافير مخلوقات صغيرة رقيقة جميلة مسالمة، ضعيفة ذات أصوات متميزة الألحان، وذات ألوان وأشكال رائعة. رسمها الإنسان منذ قديم الزمن كأحد الحروف فأصبحت جزء من لغته المكتوبة كما في اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة وغيرها من اللغات التي اعتمدت على الرسوم في كتاباتها، وكذلك دئب الرسامين على تسجيل أشكالها بلوحاتهم إما للزخرفة أو لإضفاء الواقعية والحيوية على المنظر الذين يسجلونه.
وهنا أخص بالذكر العصافير وليس الطيور، فقط في مصر يوجد حوالي أكثر من مائة ألف نوع مختلف من العصافير، لذلك رسمها الفراعنة واستخدموا الشكل الخارجي لجسمها كأحد الحروف الهيروغليفية. فهي من الكائنات الاجتماعية التي الفها الإنسان وتنافس لشرائها وأيضاً تربيتها بمنزله وأكلها.
انها تعيش وتتحرك في جماعات، تتغذي على الحبوب والحشرات. تبني أعشاشاً جميلة مناسبة لصغارها. إلا أنها مطمع للصيادين ويصطادها الصغار بالمقلاع والشبك والفخاخ حتى أن كاتب المزمور124: 7 استخدم هذا التشبيه قائلاً: "الفخ انكسر وانفلتت انفسنا مثل العصفور من يد الصياد"؛ فالمقصود هنا أن إبليس عندما يسيطر علي النفس يكون مقتنص لها كما تقع العصفورة الضعيفة في فخ الصياد.
وفي سفر الأمثال 6: 5 يقول الكاتب أن الرب الاله نجي نفسه من اليد كالعصفور من يد الصياد وذلك لأنه ضمن غريباً لا يعرفه فكان لابد من دفع ثمن ذلك لكنه نجي كما ينجو العصفور من يد الصياد. أما الحكيم الجامعة في سفر الجامعة 9: 12 يشير الي أن الإنسان لا يعرف وقته (أي ميعاد موته) حيث كالأسماك التي تؤخذ بشبكة مهلكة وكالعصافير التي تؤخذ بالشرك كذلك تقتنص بنو البشر في وقت شر إذ يقع عليهم بغتة. وفي (جامعة 12: 4) يقول أيضا: وتغلق الأبواب في السوق. حين ينخفض صوت المطحنة ويقوم لصوت العصفور وتحط كل بنات الغناء. أي عندما يمر الإنسان في شيخوخته بسكرات الموت فتغلق الأبواب بمعني تغلق الأجفان وتظلم العيون، وينطبق الفم فلم يعد له أي صوت يذكر، ولم تعد الأذن تسمع صوت المطحنة أو حتى تميز صوت العصافير أي لا تميز الصوت العالي أو حتى المنخفض. وضَعف العصفور ما هو إلا رمزاً لضعف الإنسان تجاه الخطية.
فالبرص كان دائماً في العهد القديم رمزاً للنجاسة والخطية. فالعصافير من الطيور الطاهرة حسب شريعة موسي وتستخدم بخاصة في طقس تطهير الأبرص (لاويين 14) كنتيجة إعلان وإشهار تطهيره يذبح الكاهن عصفوراً في إناء خزفي ثم يغمس جناح عصفور اخر في دم المذبوح ثم يطلقه علي وجه الصحراء؛ وهذا بدوره رمزاً لموت الرب يسوع علي عود الصليب حاملاً عارنا وبرص خطيتنا ثم قيامته من الأموات لننطلق أحرارا متطهرين بدمه.
ان العصافير كانت دائماً وسيلة تعليمية رائعة حيوية من البيئة المحيطة يستخدمها الرب يسوع المسيح لتوضيح المقصود بأقواله وتعليمنا وتبسيط المعلومات التي يريد نقلها لنا كمعلم رائع (لذلك كانت الجموع دائما تدعوه قائلة: يا معلم). ففي إنجيل لوقا 12: 6، 7 يسجل لنا قول الرب يسوع: "أليست خمسة عصافير تباع بفلسين. وواحد منها ليس منسيا أمام الرب الاله"؛ فان العصافير لا قيمة لها أي لا تساوي أي شيء يذكر كقيمة مادية. لكن الرب يسوع يؤكد لنا أننا أفضل من عصافير كثيرة. جميع شعور رؤوسنا معدودة ولا تقع واحدة إلا بإذنه.
فهو هنا يخاطبنا بالا نقلق أو نخاف أو نهتم بما نأكل أو نشرب، أو ماذا نلبس لأننا مصدر اهتمام الرب الخالق الأب الحنان الذي يدعوا شعور رؤوسنا بأسماء بعد أن عرف عددها وسمح للبعض منها أن يهلك بإذنه؛ عزيزي هل تقلق وتخاف؟ لتنطلق نفسك وتطير فرحة مغردة في سماء حرية الرب يسوع. استمتع بكونك ابنه الذي دفع حياته لإطلاقك من شباك الصياد مثل العصفور الذي بدوره يعتني به أيضا، فانت أفضل وأقيم عنده أكثر من عصافير كثيرة، أخي استمتع بحرية مجد أولاد الرب الاله الحقيقي، عش الحرية ولكن لا تصيرها فرصة للجسد.