الفيلم الهندي حياة الماعز وقوة تأثير الفن!
عزيزي القارئ شاهدت الأيام الماضية عملاً درامياً عظيماً أثار ضجة حول العالم هو الفيلم الهندي حياة الماعز وهو كما قرأنا جميعاً عن قصة حقيقية لمواطن هندي ذهب للعمل في السعودية في فترة التسعينات وواجه ما واجه من قسوة ظروف العمل وقسوة معاملة الكفيل.
هذا الفيلم الذي سلط الضوء بشكل غير مسبوق على مشكلة العمل تحت أمرة كفيل يتحكم في كل شيء في حياة العامل، يعتقد الكثيرين أنه ربما سيكون السبب في إلغاء نظام العمل عن طريق الكفيل أو على أقل تقدير سيساهم في تغيير بعض قوانين العمل في البلاد التي مازالت تعمل بنظام الكفيل، هذه يا عزيزي هي قوة الفن وقوة تأثير الفن، فالفن هو مرآة المجتمع.
والفن الهادف صاحب الرسالة يطرح ما يواجه مجتمعه من معضلات مما قد يساهم في تغيير قوانين كما حدث في فيلم "أريد حلاً" لسيدة الشاشة العربية الفنانة الراحلة فاتن حمامة الذي تم إنتاجه عام 1974 وكان السبب في تغير قوانين الأخوال الشخصية الخاصة ببيت الطاعة، ومن بعدها الحق في الخلع، ومثال آخر الفنان الراحل فريد شوقي الذي قدم عملين عظيمين أستطاع من خلالهما طرح قضيتين مختلفتين مما نتج عنه تغيير في القوانين وهما فيلم "جعلوني مجرماً " وكان عن قصة حقيقية لفتى خرج من الإصلاحية بعد السابقة الأولى وواجه مصاعب في الحياة بسبب هذه السابقة، وهذا الفيلم نتج عنه الإعفاء من السابقة الأولى في صحيفة الحالة الجنائية حتى يستطيع مرتكبها من بدء حياة جديدة.
أما العمل الثاني فكان فيلم "كلمة شرف" الذي أستطاع من خلاله عمل تغيير في قوانين السجون لتسمح للسجين بالخروج للزيارة في ظروف معينة وفق ضوابط وإجراءات تم وضعها آنذاك! وهكذا يا عزيزي نجد أن الفن يساهم في تطور المجتمع وتحسين صورته وتحسين حياة الفرد والجماعة.
الفن الهادف ينير الطريق ويسلط الضوء على معضلات تواجه المجتمع وليس بالضرورة يطرح حلولاً لتلك المعضلات ولكنه يكفي أن يسلط الضوء لعمل وعي مجتمعي وهذا الوعي المجتمعي هو البذرة الأولى في إيجاد الحلول.
عزيزي القارئ أقول لك بكل صدق أن هذا الفيلم "حياة الماعز" جعلني أشاهده مرات ومرات وأعلم أني سأشاهده أكثر وأكثر فعظمة هذا الفيلم أنهم جعلوك تشعر بكل شيء مع بطل الفيلم نجيب، جعلوك تشعر بالظلم، بالقهر، بالخوف، بالجوع، بالظمأ، بالوجع، بالإحباط، جعلوك تشعر بالتوهان والندم وحتى الملل من العيش في الصحراء كنت تشعر به! أبكاني هذا الرجل الذي لا تستطيع تحمل الألم الذي تراه في عينيه، تحية لهذا الرجل صاحب القصة الحقيقية ولقوة احتماله ولصلابته الذي أستطاع رغم كل هذه القسوة أنا يعود للحياة:
عايش ميت من القهر
وفي عطشه شارب من ميت بحر
وبالع ظلمه ولكن
طالب تخفيف المر
وبيهرب من الموت للموت
وعارف أن أخره الموت
ونفسه يصرخ لكن
صراخه في الصحرا سكوت