أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

فكرة خبيثة تُدعى ”المُساكَنة”!

ساهمَ الانفلات الإعلامي المُعاصر من الرقابة في الخروج عن ضوابط اللياقة الأخلاقيَّة بصورة صار من الصعب كبح جِماحِها، وأصبَحَ العقل وحده بمخزونه النقدي والثقافي هو القادر الوحيد على غربلة المادَّة المُتلقَّاة وتحليلها ومن ثمَّ تحديد مدى صلاحيَّتها للاستهلاك السلوكي أو عدمها، ومن الأفكار التي بدأت تُطرح عبر بعض شاشات الإعلام العربيَّة بأسلوبٍ مُباشرٍ صادمٍ للمُتلقي العربي فكرة ما يُدعى "المُساكنة"، بمعنى عيش رجُلٍ وامرأة دون أن تكون بينهما صِلة قرابة مع مُشاركة مُختلف تفاصيل الحياة الزواجيَّة لكن دون زواج!

لهذه المسألة أبعادٌ مُختلِفة، لكنني سأكتفي بمُناقشتها من وُجهة نظري كامرأة عربيَّة، وأدرك أن كثيرات يدور بخلدهن ما يدور بذهني عند سماع تلك الكلمة من أي برنامجٍ عربي.. نحن النساء اللواتي نأمل مزيدًا من التقدير والاحترام لكيان المرأة لا يسعنا إلا أن نعتبر هذا الطرح يستهدف سلب المزيد من حقوقها، وإهانتها، والعبث بها، واستغلالها أبشع استغلال على مُختلف الأصعِدة دون مُقابل يستحق الثمن الذي تدفعه.

علاقة "المُساكنة" في مجتمعاتنا العربيَّة هي علاقة غير مُتكافئة بين الرجل والمرأة بالنظر إلى ما نراه على أرض واقعنا المُعاش، فالمرأة بطبيعتها النفسيَّة لا تدخل علاقة جسديَّة أو عاطفيَّة إلا إن كانت طامحةً للزواج من هذا الرجُل (ما لم تكُن فاسقة أو بائعة هوى مُحترفة!)، ومع كُل المحاذير الأُسريَّة والمُجتمعيَّة التي تؤكد لها أن هذا الرجل ما أن ينام معكِ حتى يزهد فيكِ وتنطفئ رغبته بكِ كزوجة؛ إلا أن مُعظم اللواتي تقودهن عواطفهن مُشاركة رجلٍ ما سريرًا يظل أملهن بالزواج منه مُتقدًا، إنها تُحبه وتتعلق به وترغب بمُشاركته مسرح الزفاف أمام الناس رغم إمكانيَّة اجراء عمليَّة إعادة عُذريَّة - إن كُن عذراوات قبله- واستكمال حياتهن مع غيره بسهولة، بينما تشهد حكاياتٍ لا تُحصى أن الرجُل في عالمنا العربي ما أن يُشارك المرأة جسدها دون زواج حتى يعافها ويهرب من أي ارتباطٍ رسمي بها، فهو – من وجهة نظره- يظل طاهرًا مهما فعل؛ بينما تتحوَّل تلقائيًا إلى قذرة ليست أهلاً للثقة بمجرد موافقتها على ممارسة علاقة حميمة أو جزء منها معها.. قد يُرحب باستمرار تلك العلاقة طويلاً مادامت تُشبع غريزته الجسديَّة واحتياجاته النفسيَّة مجانًا ودون مسؤوليَّات تجاه تلك الإنسانة، لكنه لا يُرحّب بالزواج وإنجاب الأطفال منها بعد ما حدَث لأنه يريد تلك التي يعتبرها طاهرة عفيفة غير مُنصاعة للإغواء قبل ليلة زفافها عليه.

إن الرجُل في عالمنا العربي صار يجهر صراحةً عبر وسائط التواصُل بطموحه في الزواج "مجانًا" دون أي تكاليفٍ من جانبه، ومنهم مَن يُعلن أن هدفه الوحيد من الزواج هو التنفيس عن حالة الكبت الجنسي التي يعيشها لا أكثر، أي أنهُ لا يطمح للمودة والرحمة والمُشاركة والإنجاب وتكوين أسرة، في مُجتمعٍ كهذا ألن يستغل كثير من المُحتالين الفُرصة للمُساكنة مع نساء مع إيهامهن أن الهدف هو التعارف والتجربة لأجل التأكد من مدى انسجامهما في الزواج؛ ثم المُسارعة بالفرار إلى امرأة أخرى تقع في الفخ ذاته بعد شبعهم ومللهم من الأولى؟ هل سيكلّف أكثر هؤلاء أنفسهم عناء إقامة حفل زفاف وتوفير مسكنٍ لائق بحياةٍ زوجيَّة إن كانت النساء متوفرات "مجانًا" على قفا من يشيل؟

إن كانت الذريعة هي استكشاف الطرف الآخر قبل الوقوع في فخ الزواج فبإمكانهما إطالة فترة الخطوبة للتعارف، وإن كان السبب غير المُعلن هو إتاحة فرصة العلاقة الحميمة فليكُن زواجًا رسميًا مع توضيح الحقوق بين الطرفين بصراحة وشفافية مع فتح الباب للطلاق متى ما اختار أحدهما المُغادرة دون تعقيدات، فحتى ما يُدعى "الزواج المدني" أكثر حفظًا لكرامة الطرفين أمام أنفسهما وأمام الأسرة والمُجتمع مما يُدعى "مُساكنة".