اللعب في الطين ”تدريب مناعي” للطفل
منذ جائحة كورونا يشعر كثير من الناس بأهمية تنظيف الأسطح، وغسل يدي الطفل باستمرار، سواء بالماء والصابون أو بالمطهر، لكن العلم يظهر أن التعرض لقليل من الأوساخ يمكن أن يكون مفيداً لصحة الأطفال.
وتشير ورقة بحثية من جامعة يورك سان جونز إلى أن التعرض للميكروبات الموجودة في الطين قد يساعد الأطفال في الواقع على تطوير أجهزة مناعية أقوى، ويقلل حتى من خطر إصابتهم بالحساسية وأمراض المناعة الذاتية.
وبحسب "ذا كونفيرسيشن"، الطين ليس مجرد مزيج من التربة والماء. إنه نظام بيئي معقد مليء بالكائنات الحية الدقيقة.
يمكن لجرام واحد من التربة أن يؤوي ما يصل إلى 10 مليارات من الكائنات الحية الدقيقة، من آلاف الأنواع المختلفة المحتملة.
وتلعب المجموعة المتنوعة من البكتيريا والفطريات والميكروبات الأخرى الموجودة في الطين والتربة دوراً حاسماً في صحتنا، وهي مفتاح لما يسميه علماء المناعة "التدريب المناعي". هذه هي العملية التي يتعلم بها الجهاز المناعي التمييز بين مسببات الأمراض الضارة والمواد البيئية الحميدة.
خلال مرحلة الطفولة، يكون الجهاز المناعي قابلاً للتكيف. فعندما يتعرض لمجموعة واسعة من الميكروبات، يتعلم إيجاد التوازن - الاستجابة بقوة للغزاة الضارين مع ترك المواد غير الضارة، مثل حبوب اللقاح أو جزيئات الطعام، بمفردها.
ووفق "فرضية النظافة"، مع تزايد التحضر في المجتمعات وتطهيرها، تحرم أنظمتنا المناعية من التحديات الميكروبية التي تحتاجها للتطور بشكل صحيح. وقد يتسبب هذا في أن يصبح الجهاز المناعي شديد الحساسية.
ويمكن أن تتجلى هذه الحساسية المفرطة في حالات الحساسية مثل الربو أو الإكزيما أو حمى القش.
كما قد يؤدي الافتقار إلى التعرض للميكروبات، وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، أيضاً إلى زيادة احتمال الإصابة بنزلات البرد الشائعة.
إن الافتقار إلى مثل هذا التدريب المناعي قد يفسر سبب زيادة احتمالات إصابة الأطفال الذين يكبرون في بيئات معقمة (مثل المدن ذات التعرض المحدود للحيوانات أو الطبيعة) بأمراض مثل الربو وحساسية الطعام بنسبة تصل إلى 50%.
اللعب بالطين ليس مجرد نشاط خارجي فوضوي. فهو يوفر تجارب حسية أساسية، مثل اللمس والشم والتلاعب بملمس مختلف، والتي تحفز نمو الدماغ وتعزز المرونة العاطفية.
ويمكن للأنشطة الحسية (مثل اللعب في الطين) أن تقلل من التوتر لدى الأطفال، وهو عنصر حاسم آخر في الحفاظ على نظام مناعي يعمل بشكل جيد.
كما أظهرت الأبحاث أن بعض أنواع البكتيريا الموجودة عادة في التربة، تقلل الالتهابات وتحسن المزاج. وهي تفعل ذلك من خلال التأثير على إطلاق السيروتونين، وهو ناقل عصبي رئيسي.
إضافة إلى ذلك، فإن اللعب في الهواء الطلق هو شكل من أشكال النشاط البدني، والذي يدعم صحة المناعة بشكل أكبر من خلال تعزيز الدورة الدموية بشكل أفضل وتحفيز إنتاج الخلايا المناعية.
ولضمان لعب أطفالك في الهواء الطلق بأمان:
• اختر مناطق لعب نظيفة: تأكد من أن طفلك يلعب في مناطق من غير المرجح أن تكون ملوثة بنفايات الحيوانات أو المواد الكيميائية الضارة. تعد الحدائق المنزلية أو المتنزهات خيارات رائعة.
• ارتدِ ملابس مناسبة للفوضى: تجعل الملابس المقاومة للماء مثل الأحذية والسترات سهلة التنظيف مع السماح للأطفال بتجربة فوائد اللعب في الهواء الطلق.
• نظافة اليدين: غسل اليدين بعد اللعب.