بالحق تقول
يا لها من كلمة يملاها حكمة ومحبة وتقع على سامعيها بالسلام والطمأنينة، فكم شعرت بأبوة ذلك الرجل مرارا وتكرارا ولكن مثل تلك العظة التي قالها في عيد تجليسه الثاني عشر لم اسمع قط.
فكيف لرجل تعرض لهذا الكم من الافتراء والغيبة والرفض عندما يتحدث وهو في موضع السلطة يتحدث بمحبة مثل معلمه ليعلمنا أن السيد المسيح هو أيضا " ملك السلام". وإن اختلاف الراي امر طبيعي، وما أحلي أن يجتمع الإخوة معا.
رغم انه كان في إمكانه أن يفعل مثل البابا شنودة فيمن خالفه الرأي فيتعرض للعزل من الرتبة أو الرجوع إلى الدير أو ما شابه من العقوبات الكنسية المكفولة لسلطات البابا المطلقة.
وأترككم لمن لم تحالفه الفرصة في قراءة كلماته التي كالبلسم تبرد جروح الفتنة وتمحي التحيز، فقد قال:
"وجودنا هنا معًا أهم من مئة عظة فحينما يرانا الناس معًا "كآباء" يفرحون ويشعرون بالطمأنينة، وحينما نلتقي ونتحاور ونتقارب ونتشاور ونتبادل الخبرات نزداد غنى وتنمو الكنيسة. أثق أن الجميع يعملون بإخلاص وأمانة لأجل صالح الكنيسة".
يجب أن نشتري "السلام" ولو على حساب أنفسنا، لنحفظ بنيان الكنيسة، ولا ننسى أنه كما نلقب السيد المسيح بـ "المعلم الصالح" فإننا أيضًا نلقبه بـ "ملك السلام"
كنيستنا راسخة، إيمانها ثابت ومستقيم، ربت أجيال عديدة على هذا الإيمان، ويجب أن نغرس هذا الإيمان عينه في أولادنا ولكن مع التقوى، ولنحذر ممن يحولون حراسة العقيدة إلى معركة ودعوة لكراهية الآخرين والدخول في صراعات.
يجب أن يحافظ الأسقف على كرامة الأسقفية بأن يكون قدوة في الكلمة والتصرف، ولا سيما في عصر "السوشيال ميديا"، والسيد المسيح لم يؤلف كتبًا ولكنه قدم نفسه نموذجًا وقدوةً، وبهذا غَيَّرَ حياة ملايين من الناس.
في مثل هذه المناسبات تكون لكل واحد منا فرصة لمراجعة النفس وفحص الضمير لكي نحافظ على نصيبنا السماوي.
اختلاف الرأي أمر طبيعي وصحي ولكن يجب أن تكون طريقة التعبير عن الرأي صحيحة وبناءة لكي يؤدي بنا الاختلاف إلى فهم أعمق ونغتني به روحيًا ونفسيًّا وفكريًّا".
عظة البابا تلك تدرس وتخلد إلى ابد الدهر وتوضع ضمن أهم كلماته في تاريخ الكنيسة المعاصر لتثبت أن المسيح مازال ساكنا في كنيسته رغم ما تفعله بعض الرعاة من ضعفات في حق أبيهم الكنسي، فماذا يفعلون مع أبيهم السماوي، وكما قال السيد المسيح: "إِنْ كَانُوا بِالْعُودِ الرَّطْبِ يَفْعَلُونَ هذَا، فَمَاذَا يَكُونُ بِالْيَابِسِ؟»" (لو 23: 31).