عُمر خورشيد.. ملِك الجيتار الخالِد
النجومُ في عالم الفن نوعان: نوعٌ يولدُ بأدنى قدرٍ من الموهبة، بشخصيَّة ضئيلة الذكاء وحضورٍ يخلو من الجاذبيَّة، ويتم تصنيع نجوميَّة مُفتعلة على قياس الأموال التي يدفعها لشركات التسويق والعلاقات العامَّة لا سيما في عصرنا الحاضِر، ونوعٌ يولدُ بعلامات النجوميَّة، وتتجلّى موهبته منذ طفولته المُبكرة، ويستحوذ على ألباب الجماهير بطُغيان حضوره الجذَّاب، فيعجز التاريخ عن محو اسمه المنقوش على جُدران قلوب مُحبيه، وقد يولد له مُريدين ومُعجبين حتى بعد انتقاله إلى الحياة الأخرى، ومن هؤلاء النجم عُمر خورشيد؛ العازف والمُلحّن المصري الذي خلَّدَت الأيام قصة الحُب العميقة بينه وبين أوتار جيتاره.
لم تكُن النجوميَّة مُرتبطةٌ بشخصيَّة عُمر خورشيد فحسب؛ بل بقصَّة حياته المشحونة بالدراما والمُنعطفات المُشوَّقة قبل ميلاده، وتحديدًا منذ لحظة اللقاء الأوَّل بينَ والديه المعجونين بطينة الإبداع، فالوالد أحمد عُمر خورشيد أُستاذٌ مشهور في مجال التصوير السينمائي، والوالدة عواطف هاشم موهوبة في فن الباليه ومن سيدات المُجتمع الرَّاقي، والأخت الصُّغرى "شريهان" أضاءت منذ طفولتها كالشهاب في الفنون الاستعراضيَّة، شاركتهُ "دُمية الشاشة" المحبوبة النجمة "ميرفت أمين" عُش الزوجيَّة بضعة أعوام كانا فيها عصفوري الحُب اللذَينِ تتلقف وسائل الإعلام أخبارهما بتوقٍ وشغَف، وحتى في مرضِه كان نادرًا فريدًا من نوعه؛ فنوبات حُمى البحر المتوسّط التي كانت تُداهمه لم تكُن في ذاكَ الوقت قد غزَت إلا ثلاثة أشخاصٍ فقط في العالم كُلّه وهو أحدهم! ومازالت الشائعات بشأن صداقته مع جني عُمره – في ذاك الوقت- ألف وسبعُمائة عامٍ تُثير تساؤلات القاصي والداني حتى اليوم كما أثارها حادث وفاته الذي اختطفهُ مُبكرًا بصورة غير متوقَّعة!
كان عُمر خورشيد ظاهرةً استثنائيَّة في فنّه كما كان في أحداث حياته، وإلى جانب موهبته الفذّة كان ذكيًا لمَّاحًا يعرف كيف يتصرَّف، كُل حركةٍ من حركاته تشي بالمستوى الراقي للمنزل الذي ترعرع فيه، وحينَ تُصاحب أنغام الموسيقى تلكَ التركيبة الإنسانيَّة الفخمة لا عجَب أن يستحقَّ صاحبها لقب "ساحر النساء"، لا سيما وأنه من النوع الحريص على كتم أسراره العاطفيَّة كما تشهد مجلات سبعينيَّات القرن العشرين؛ فكيف لا تُسحرُ المعجبات بشخصيَّة تجمع بين الجاذبيَّة والأمان؟ ويبدو أن هذا السحرُ يتجدد على مرّ السنين؛ فالمُتابع لتعليقات المُعجبات تحت أفلامه المنشورة اليوم على "يوتيوب"؛ والمُراقب لحسابات التواصُل الاجتماعي التي مازالت تنشر صوره وأخباره العتيقة وصفحات المجلات التي كانت تنشر أحاديثها ولقاءاتها الصحفيَّة معه يلحظ مدى المشاعر المُتدفقة التي مازال الجنس الناعم يُكنّها له حتى اليوم، لا سيما وأن صورة "الفارِس النبيل" أحاطَ بها بريق الصدق لأنه تزوَّج بفنانتين مشهورتين دون أن يغار غيرة صبيانيَّة من مسيرتهما الفنية أو يدفعهما للحياد عنها، وكان الداعم الأوَّل لمسيرة أخته منذ الصّغر وفاتح الباب الأوَّل لدخولها المجال الفني على عكس شخصيَّات بعض المزدوجين ممن يُطلقون على أنفسهم مُسمَّى فنَّانين ويُجاهرونَ – دونَ خجل- أنهم لا يقبلون على أخواتهم وزوجاتهم دخول هذا المجال، وأنهم لن يتزوجوا – مُطلقًا- زميلةً تنتمي للوسط الفني!
للصدقِ جاذبيَّةً طاغية في كُل العصور، ومن أهم أسرار جاذبية عُمر خورشيد صدقه في مبادئه، أفكاره، خياراته، وفي علاقته بالأشخاصِ والأشياء، وربما كان هذا سر خلوده حتى اليوم.