روح الروح!!
ها هو قد ظهر من يلقبه البعض بــ الإرهابي.. اعرفه وأستطيع تمييزه ذلك المتطرف دون أدنى مجهود ..يرتدي جلبابه المعروف، يطلق لحيته ويتمتم طول الوقت بصوت خافت..
لا أعلم ماذا يقول، لكن على الأرجح أنها آيات من كتاب المسلمين المقدس.. عقيدته اسمها "چيهاد" ..لا أعلم ما ترجمتها الحرفية، لكنهم أخبرونا أنها مرادف للإرهاب..
هو بشحمه ولحمه كما صورته لنا الأفلام والوثائقيات.. أكاد اشتم رائحة المسك التي تميز هؤلاء القتلة خارجة من فمه .. ها هو يتحرك ثم...... ثم توقفت عقارب الساعة، وساد الصمت والانتباه أرجاء الكوكب، وأقشعرت أبدان سكان العالم..
من يكون هذا الرجل الذي انتزع الدمع انتزاعا من العيون؟ من يكون ذلك المخلوق الهارب من عوالم أخرى، الذي يحمل ملاكا اسمه ريم بين ذراعيه؟ من أنت يا شيخ خالد؟ وأين كنت تلهو وتمرح مع هذه الزهرة الجميلة الشقية، ولماذا كانت زيارتها خفيفة وسريعة هكذا؟ لم تشبع ونشبع معك من جمالها ورقتها بعد ..كيف استطعت أيها الرجل في ثوان معدودات، ان تحطم للأبد تلك الأساطير؟ كيف مزقت بصبرك وعزوبتك تلك الصورة النمطية، التي رسمتها آلة الزيف والغش على مر عقود؟
كيف اقنعت العالم دون أن تبذل أي مجهود، إن الإرهابي الحقيقي، قد يكون وسيما هادئا وقورا، يرتدي أفخم الثياب، ويجلس على المقاعد الوثيرة داخل المكاتب وأروقة جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان؟
من كانوا يتوجسون منك، ويصابون بالذعر من مجرد رؤيتك، كيف يا رجل جعلتهم يتعهدون طيلة العمر، أن يواظبوا على أن يوقدون الشموع، ويأتون لك ولريم يوم الثالث والعشرين من ديسمبر كل عام بكعكة عيد ميلادكما، ليحتفلوا بك ويحييون ذكرى حفيدتك الجميلة.. ما هذا يا شيخ خالد!! جعلتهم يقولون لك : Happy birthday ؟؟! .. لله دُرك يا رجل ..
هذا شيخي فأروني من هو أطهر وأنقى منه وسط شيوخكم
هذا قديسي فأروني من هو أكثر وداعة وصبر ورجاء ورضا منه بين قديسيكم..
هذي روح الروح فأروني من هي أكثر براءة ورقة وعذوبة منها بين جميلاتكم..
هذه فلسطين فأروني من وسط كل بقاع الأرض.. أي أرض بمثل هذا الجمال وما الذي أتى بقطعة من الجنة لتستقر مطروحة وجريحة محاطة بكل هذا القبح ينهشها شياطين الإنس والجن من كل حدب وصوب..
هذه فلسطين التي طمع في عسلها الغريب وخان العهد معها القريب وألقى لهم بها فريسة ولم تزل بكر تقاوم وتصبر وتحتسب ..
هذه فلسطين التي لم ينقص من جمالها الوهن والضعف وجرح الخيانة الغائر، بل هي جميلة الجميلات.. وشهداؤها ملائكة ضلوا طريقهم إلى الأرض في زيارة قصيرة يعطونا كل الدروس ثم يغادرون سريعاً لمكان ليس به ظلم وجوع وعطش.. مكان لن يروا فيه وجوه قميئة وألسنة تنطق كفرا وكذبا وتدليسا وفجور..
في هذا الأسبوع، رحل عن عالمنا الشيخ خالد نبهان شهيدا كما طلبها ونالها ليلحق ب "ريم" .. رأيت إحدى الصور لجثمانه وبدا مبتسماً.. يبدو أن أبو ضياء قد رأى "روح الروح"