2025: Reclaiming the Canada We Once Knew أول اتصال رسمي بين القاهرة والإدارة الجديدة في دمشق حضر هشام طلعت وعز.. وغاب ساويرس.. ما الذي جاء في لقاء مدبولي برجال الأعمال؟ مصر.. خلاف بين نقابة الأطباء والحكومة المصرية بسبب ”المسؤولية الطبية” بينهم مصري هارب.. تعيينات لمقاتلين عرب وأجانب في الجيش السوري الجديد قانون الإجراءات الجنائية.. البرلمان المصري يوافق على حالات تفتيش المنازل دون إذن هل السرطان عقاب إلهي؟ من يحدد مستقبل سورية: إعادة الإعمار واللاجئين والديمقراطية؟ ثقيلة هي ثياب الحملان! حلقة 2 هواجس بالية!! قصة التقويم الميلادي البراح العقلية الدينية المصرية المتحجرة‎

دردشة…بالعربي الفصيح:

ثقيلة هي ثياب الحملان! حلقة 2 هواجس بالية!!

ملخص ما سبق: قام الباشمهندس، المقاول صاحب العمل، باستدعاء مراقبين عماله من المشاريع المختلفة في مكتبه ليختار واحد منهم ليحل محله خلال اسبوع سفره لأحد مصانع الخارج؛ و تم اختيار المراقب ابو صلاح و هو أصغرهم سناً…

حلقة ٢

هواجس بالية!!

لازلت أتذكر يوم اجتذبني والدي - رحمة الله عليه - من يدي وذهبنا لمقابلة الباشمهندس! كان أبي ماثلاً امام الباشمهندس في غاية الاحترام، فنظر إلينا بوجه ودود تملؤه الصرامة وسأل:

- هو دا ابنك يا عم سميح؟!

- ايوة يا باشمهندس…حمدي ابني…ولد شاطر…ايده حلوة وطالب شغل!

رمقني الباشمهندس بنظرة أخرى - لكن بأكثر دقة - وتساءل:

- إشتغلت يا حمدي في أي مشاريع قبل كده؟!

- لأ!!

نغزني والدي في الخفاء ورد مقاطعاً:

- دا ولد لهلوبة…كل حاجة عندنا في البيت عايزة تصليح هو اللي بيصلحها…أنا معلمه من صغره!

- براڤو…طيب يا عم سميح…أنا هاخليه يتدرب في مجموعة بدوي و ربنا يسهل!!

تدافعت الكلمات بسرعة من فم والدي:

- بأقول ايه يا باشمهندس…مافيش داعي لحكاية بدوي دي…وخليه تحت عينيا أنا أحسن…و ليك عليَّ أدربهولك أحسن من بدوي كمان!

لم ينطق الباشمهندس بأية كلمة لمدة نص دقيقة، لكني قرأت في عينيه عدم استحسان…ثم علَّق اخيراً:

- خلاص يا عم سميح…عشان خاطرك انت بس…

ثم استرسل بجدية ملتحفة بروح المزاح:

- بس إوعى تدربه انه يبقى مراقب عمال…ههههههه!!

بعد عامين، توفي والدي وأصبحنا في الموقع بلا مراقب؛ كما عكف بقية المراقبين عن مراقبة مجموعتنا لشدة ضغط العمل! و إذا الباشمهندس يطلبني في مكتبه! ذهبت لتوي و انتظرت خارجاً حتى دعاني للدخول.

- أهلاً حمدي…عامل ايه دلوقتي؟!

- الحمدلله يا باشمهندس…

- زمايلك بيزكوك انك تبقى مراقب عمال بدل والدك!

كدت أن أرقص من فرط السعادة، لكني تظاهرت بعدم الاهتمام:

- زمايلي؟! هههههه،…كتر خيرهم دا بس من ذوقهم!

- ايه؟ مش شايف نفسك قد الشغلانة؟!

- لأ أنا قدها وقدود، بس اللي حضرتك شايفه!!!

- انا شايف ان سنك صغير انك تبقى مراقب حتة واحدة كده! دا غير اني ماحبش المحسوبيات و الوسايط!

فجأة تحطمت أمامي بشائر الأفراح؛ هو صاحب العمل وله خبرة كافية، لا تخدعه المظاهر ولا كلام الناس…فالتزمت الصمت، لكنه أكمل حديثه…

- بس أنا ما عنديش مانع مبدئياً، خصوصاً اني مش لاقي حد يحل مكان والدك!! وخلاص طالما زمايلك شايفين فيك مراقب كويس…يبقى تمام!!!

- متشكر جداً يا باشمهندس…

- بس انت مش هتبقى مراقب على زمايلك…

تجهمت ملامحي بداخلي وتربصت بمكاني لعل للحديث بقية…فقال:

- أنا هاخلي بدوي يراقب مجموعة ابوك الله يرحمه و انت تراقب مجموعته…

تمنيت ان اسمع تعليلا منه على هذا القرار، لكنه توقف هنا وأذن لي بالانصراف!! ما هذا الهراء…إنه لا يرى في صورة المراقب…حتى لم اسمع منه كلمة مبروك؟!! لا أرغب في ترك مجموعتي، ولم أطلب هذا؟! أولئك هم زملائي…أعرفهم ويعرفونني…لما أراقب غيرهم؟!! هل يضعني في امتحان؟! هل يعدّني للفشل؟! باطل كان دءب زملائي إذن!! باطل…باطل!!

***

كانت فرحتي لا توصف يوم ولد صلاح؛ كان وجهه وجه السعد والخير علينا. بعد شهرين من ولادته أصبحت مراقب عمال، لولا فقط تغيير المجموعات، لكان الأمر أكثر كمالاً! أصغر مراقب عمال في الشركة؛ لذا يجب أن أجبر من حولي على احترامي…جئت في وقتك يا صلاح يا ابني…من اليوم فصاعداً، سأكون "أبو صلاح" …اما حمدي فسيظل هو اسمي في البطاقة الشخصية فقط!

أحمد الله أن بدوي المراقب قد عوّد عماله على السمع والطاعة، وهذا ما يحتاجه "أبو صلاح" لحفظ مكانته…السمع والطاعة!!!

***

احتجت بضع ثوانٍ حتى أستوعب سؤال الباشمهندس عما إذا كنت قادراً أن أحل مكانه…أيعقل بعد ثلاثة أعوام فقط كمراقب عمال يريدني أن أحل محله لمدة أسبوع؟! ظننت أنه لا يطيقني! من يعلم؟!… ربما تكون تلك هي المعجزة التي احتاجها!!! أجبته بكل ثقة:

- بكل تأكيد يا باشمهندس!!!

يتبع في الحلقة القادمة من العدد التالي.