من يحدد مستقبل سورية: إعادة الإعمار واللاجئين والديمقراطية؟
حالة من الترقب والغموض تحيط بالمشهد السوري بعد سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024. وعلى الرغم من الدعم الإعلامي الغربي للجماعات الجديدة التي اقتنصت السلطة في سورية، وتسليط الضوء علي فرحة العديد من السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد، يظهر قائد العملية الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، ليحدد عدد من النقاط الرئيسية فيما يتعلق بمستقبل النظام السورية.
يذكر أن حل المعضلة السورية يتطلب استيعاب كل الجماعات السورية في بوتقة واحدة للهوية السورية، لا تميز بين شيعة وسنة وأكراد ومسيحيين وترك وغيرهم، خاصة وأن التركيبة السورية لا تختلف عن لبنان، مع اختلاف في الدرجة من حيث التنوع. ويبقي سقوط نظام بشار الأسد بهذه السرعة، محاطا بالكثير من الأسئلة السياسية والعسكرية والاستراتيجية والتحالفية.
أحمد الشرع أوضح في أكثر من مناسبة أن إسقاطهم لنظام الأسد الابن راعي عدم إيذاء المدنيين، ودمج كل المجموعات والقوي السياسية والعرقية السورية في بوتقة واحدة لتجنب أخطاء وديكتاتورية بشار الأسد. وعن العلاقات مع الأكراد، رحب الشرع باندماج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري. مشددا على ضرورة أن يكون السلاح فقط لدي الدولة السورية وليس لدي أي جماعات طائفية. مؤكدا اقتناعه وإيمانه بأهمية التفاوض من أجل حل أزمة شمال شرق سورية. ورفض أي محاولات لتقسيم سورية خاصة وأن الشمال يعتبر مركزا تنطلق منه هجمات حزب العمال الكردي ضد تركيا.
يحاول الشرع أن يظهر بصورة غربية ليبرالية رغم توجهاته الإسلامية الواضحة، حيث يؤكد أهمية إعداد وكتابة دستور جديد في سورية، وتنظيم انتخابات، وهذه أمور انتقالية تتطلب ما بين 3 ألي 4 سنوات ليتم إنجازها. كما ضمن حق التظاهر السلمي لجميع الجماعات للتعبير عن مطالبها بصورة ديمقراطية. ورفض فكرة المحاصصة التي تسيطر على لبنان، ليتم تطبيقها في سورية، خلال أو بعد العملية والمرحلة الانتقالية الحالية التي تمر بها سورية.
وكما يبدو من تصريحات أحمد الشرع، فإنها جاءت للاستهلاك الغربي وطمأنة الغرب والشرق بصورة إعلامية غير واقعية عن توجهات السلطة الجديدة الليبرالية والديمقراطية، إعلاميا، لأنها بعيدة كل البعد من حيث الواقع، حيث سيطرت تعيين الشخصيات ذات التوجهات الإسلامية على مختلف المناصب السياسية في الحكومة السورية الجديدة الانتقالية، مستبعدة كل الجماعات. وبرر الشرع هذا الأمر، بطبيعة المرحلة الانتقالية، التي تتطلب انسجاما بين فريق العمل في السلطة.
يبدو إن الإسلاميين تعلموا الكثير من سقوط جماعاتهم في ليبيا ومصر وتونس واليمن والعراق وغيرها من الدول العربية، التي عانت من اضطرابات الربيع العربي. وبدأت الجماعات الجديدة، في "لوك" جديد، حيث سعت إلى مد التعاون الخارجي وإطلاق المسحة الليبرالية والديمقراطية لطمأنة الغرب.
من هنا أعلن أحمد الشرع عن مساعيه الحثيثة لتدشين علاقات تعاونية وقوية مع كل من السعودية، لتشارك كثيرة في عمليات إعادة البناء والاستثمار في سورية. وأكد تفضيله التعاون مع السعودية مقارنة بإيران. وأوضح الشرع أن مشروع إيران الذي استمر 40 عاما سقط في 11 يوما بسورية. كما أشار إلى أن مشروع الثورة الإيرانية تسبب في نعرات طائفية وحروب وفساد في المنطقة العربية. وأكد أن تصدير الثورة الإيرانية كان له تأثير سلبي كبير على المنطقة. وشدد أن على إيران إعادة حساباتها في تدخلاتها على حساب شعوب المنطقة.
وطالب أحمد الشرع إدارة الرئيس دونالد ترامب برفع العقوبات المفروضة على سورية. كما أكد أن روسيا خرجت من سورية بطريقة لا تليق بها كقوة في النظام الدولي، يهتم بمد علاقات تعاون معها.
تصريحات الشرع لوسائل الإعلام، وفي مقدمتها قناة العربية، تظهر الإسلاميين بمظهر يجب أن يوضع تحت المنظار، لأنه يتفق مع فقه التقيه، أكثر من فقه السياسات الواقعية تجاه الآخر. وفي هذا السياق يصبح من المنطقي الحذر والدراسة عن كثب لمطبخ صناع القرار في سورية بعد الأسد. وهنا تبرز دور الأجهزة الأمنية والمخابراتية، لأن نظام الشرع، لا يؤمن بالضرورة فعلا بكل ما يطلقه من تصريحات.
ولم يحدد أحمد الشرع حتى الآن الموقف من قضايا حساسة يأتي في مقدمتها إعادة إعمار سورية وكيف عودة اللاجئين السوريين من مختلف دول العالم في الغرب والشرق إلى وطنهم الأم سورية؟ وهل نظامه قادر علي طمأنة اللاجئين السوريين ليعودوا إلى وطنهم؟ فلننتظر ونتابع الأحداث مع الدعوات بكل الأمن والاستقرار لسورية وكل الدول.