ابرام مقار يكتب: وزيرة الهجرة .. وغياب الدبلوماسية
كم أربأ بوزيرة الهجرة، السيدة "نبيلة مكرم عبد الشهيد"، والتي قضت 22 عاماً بالعمل الدبلوماسي، أن تختفي دبلوماسيتها، وتخرج علينا عبر برنامج "حوار خاص" والذي يقدمه الإعلامي، "عمرو الكشكي"، علي قناة "TEN" المصرية، لتحكي عن الطفلة "كاريمان" والتي أودعتها أمها بدير للراهبات بإيطاليا، والدور الذي قامت به الوزيرة في أخذ الطفلة من الدير بعد أن قضت به مدة أربع سنوات، وإقناعها بأن تخلع "الصليب" تمهيداً لحياتها الجديدة مع جدها المسلم، بعد أن أودعتها لمضيفة بشركة مصر للطيران وأرسلتها إلي مصر، وما حمله حديث الوزيرة، من سرد أسرار لوالدة الطفلة وعلاقتها بصديقها الأيطالي!، ولن أقول "ماذا لو كان العكس؟ .. أي ماذا لو كانت الطفلة مسيحية الديانة وتركتها أمها في تركيا، هل كانت الوزيرة ستفعل الأمر ذاته؟ ، هل كانت ستتحدث عن أرجاعها ونزع الرمز الديني بنفس الحماس؟"، ولكن لن نتوقف كثيراً عند هذا الطرح، فأنا أعتقد أن الوزيرة قامت بدور ما كان يجب أن تقوم به ، وذكرت تفاصيل ما كان يجب أن تذكرها، سواءً علي المستوي الشخصي كأسرار أم فارقت الحياة ، أو علي مستوي الحديث عن نزع رمز ديني في مجتمع يموج بالطائفية. فالتعامل مع تلك الحالات لها أجهزة و إدارات، أعتقد أن وزارة الهجرة ليست من بينهم..هذا علي سبيل الدور والتفاصيل، وعلي سبيل "التوقيت"، فأخطأت الوزيرة أيضاً، فالسيدة "نبيلة مكرم" ذكرت تلك الواقعة، والتي قد يعتبرها البعض تصب في صالح مغازلة "الإسلاميين"، قبل ساعات من زيارتها إلي كندا لمقابلة مصريين ثورة الثلاثين من يونيو، والذين خرجوا مسلمين و أقباط لإسقاط تلك التيارات التي تصب واقعة الوزيرة في مغازلتهم. هذا ما كان في ما صرحت به الوزيرة في القاهرة، ولكن حتي هنا في كندا، أعتقد أنه لم يكن من اللائق أن يكون الطلب الوحيد و الأوحد - بحسب تعبير الوزيرة - الذ تطلبه من المصريين في الخارج، هو "عدم الحديث بسلبية عن الوطن الأم"، وبصرف النظر عن ضعف التأثير السلبي لهذا الأمر علي الدولة المصرية، وبصرف النظر عن أنه مطلب يُعيد أفكار العصر الشمولي والحقبة الناصرية، إلا أنه أيضاً مطلب لا يحمل إدراك للمجتمعات والثقافات الجديدة لهؤلاء المصريين، ثقافات تحترم جداً الحريات، وترسخ لمبدأ "النقد الذاتي"، كوسيلة هامة للتصويب والوصول للأفضل. لقد كنت أتمني أن يكون المطلب الأهم للوزيرة، هو دعم الإستثمار في وطننا الأم ، أو نقل خبرات الدول الحديثة التي نعيش بها إلي بلادنا، أو نقل مناهج المؤسسات التعليمية من دول المهجر المتقدمة إلي مؤسساتنا التعليمية في مصر، حيث يعتقد الكثيرين أن مصر لن تعرف التقدم إلا بـ "التعليم". علي الجانب الأخر، وحينما أنتقد أحد الحضور من عدم تواصل الوزارة مع الجيل الثاني والثالث، نفت الوزيرة هذا الأمر، وأستندت إلي ماراثون أُقيم في الأقصر في أخر العام الماضي وحضره 200 شاب من المصريين في الخارج. والوزيرة تعلم أن التواصل مع أبناء مصر في الخارج من الجيل الثاني والثالث أمر أبعد من هذا بكثير.
أعتقد أنه إن أرادت الوزيرة الأفضل لبلادنا، فعليها دور هام جداً وهو أن تنقل للحكومة المصرية تجربة النمو الإقتصادي في البرازيل ، وإحترام التنوع في شيكاجو ، وحماية الأثار في إيطاليا، ونهضة السياحة في دبي ، وهي المناطق التي عملت بها الوزيرة لسنوات في مناصب عدة قبل الوزارة.
لا ننتقد الوزيرة والتي لم تتم عامها الأول في الوزارة، ولكن ونحن نقدر الدور الذي تقوم به يعز علينا أن تفشل فيه، لا نتصيد أخطائها ولكن نقدم لها النصح، لاجل بلادنا التي لا نتمني لها إلا الخير والتقدم ، فالوطن من وراء القصد