A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دولا أندراوس تكتب: امنعوا الضحك

ربما يكون اللي بنى مصر حلواني٬ لكنه بكل تأكيد كان حلوانيًا ظريفًا فَكِهًا خفيف الظل وصاحب نكتة. فلقد ترك إرثاً غنياً من الضحك والفكاهة في التركيبة الثقافية للمصريين وخلّف وراءه شعبًا لا يستطيع العيش في عالم عَبوس متجهم ولا يقدر على الٳستمتاع بحياة مجدبة لا ضحك فيها ولا مرح. ونحن وإن كنا لا نستطيع تحديد عمر النكتة على وجه الدقة، إلا اننا نستطيع أن نجزم أنها أداة قديمة قدم الضحك، مال إليها المصريون كنتيجة لقربها إلى طبيعتهم المرحة وحسهم الفكاهي الذي ينزع إلى تخطي الألم والسخرية من المحن بدلاً من الإغراق في الهموم والانخراط في الأحزان.
لقد سخر المصري من كل شئ، حتى من نفسه، ومن بيئته، ومن أحوال مجتمعه وسلبياته.. بدءا بالحاكم وانتهاءً برغيف العيش. ورصدت النكتة كل هذا بحساسية شديدة، فعكست فكره ومشاعره وحالته المزاجية حيال ما يطرأ على حياته اليومية من تغيرات في الأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية. ولذا نالت النكتة الشعبية إهتمام العديد من الباحثين في الشأن المصري٬ فقاموا بدراستها بصفتها مرآة صادقة عاكسة للثقافة المجتمعية وما تحمله من قيم ومعتقدات، وما يشهده الشارع المصري من إضطرابات وتجاذبات سياسية وإجتماعية وفكرية.
والنكتة ثورة.. فهي هجوم مقصود على أوضاع سائدة غير مرضي عنها بغية تغييرها. لذلك يذهلني أن أجد في عهد الثورة أصواتاً تنادي بقمع النكتة ومنع الضحك. النكتة التي صاحبتنا على إمتداد آلاف السنوات حتى تداخلت سيكلوجيتها في نسيج الشخصية المصرية وأصبح من الصعب الفصل بينهما.. النكتة التي استخدمناها كاستراتيجيات دفاع وهجوم لمواجهة الضغوط الداخلية والخارجية.. النكتة التي اطلقناها عندما تعذرت علينا الرؤية وحاوطتنا الأوضاع المعقدة وتطاوحتنا منظومة القيم المتشابكة فإذا بها تبلغ بسلاسة ويسر إلى جوهر الأشياء وتساعدنا على تقييم ما يحدث لنا وحولنا بسهولة.
البعض يقول نعم للنكتة لا للسخرية، وأنا أقول أن المسميات تختلف بإختلاف القائل والمتلقي وبواعث كل منهما.. لكن دعونا نتفق أنه أيا ما كان الإسم.. نكتة.. مزحة.. دعابة.. فكاهة.. سخرية.. قلش، الحق أننا نحتاجها. نحتاجها سلاحًا لمقاومة بطش الحاكم، وأداة للتواصل مع المجتمع، وطريقة للجهر بالرأي بشكل لطيف مقبول، وأسلوب للتغلب على التوترات والصراعات، ووسيلة لتخطي الأزمات والمحن والمواقف المؤلمة، ومحفز على إعادة النظر في الامور والتمرد على التقاليد السائدة.
النكتة طاقة جبارة قادرة على إحداث تغييرات إيجابية في المجتمع، في الوقت الذي فيه تضفي لمسة لطيفة مرحة على الحياة وتصبغها بلون الفرح. دعونا نتعايش معها. دعونا نتقبل النقد الساخر بروح رياضية بغض النظر عما إذا كان موجهاً لنا أم لغيرنا. دعونا نضحك أبهجكم الله دون أن نضع للنكتة أجندات خاصة أو نجعلها مسرحاً لتصفية الحسابات.

[email protected]