ابرام مقار يكتب: ”ترودو - ترامب” و الخريف القادم
مع كل رئيس أمريكي جديد، يبدأ المصريين في رصد توجهاته وإظهار مخاوفهم من تناوله لعدة أمور، أمثال موقفه من الإستمرار في الدعم الأقتصادي والعسكري لمصر ، وموقفه من الأقليات الدينية في مصر وحقوقهم، ومواقف الرئيس الجديد من الإسلام المتطرف والإسلاميين المتشددين، وكذلك العلاقة مع الشرق الأوسط وإسرائيل، ولكن لنا نحن المقيمين بكندا تتجاوز المخاوف إلي أمور أخري ربما لم تكن تشغلنا في الماضي لإستقرارها ولكنها قد لا تكون مستقرة في المستقبل، فمن يري العلاقة بين رئيس الوزراء الكندي الـ 23، "جاستن ترودو"، والرئيس الأمريكي الـ 45، "دونالد ترامب" أثناء حملته الإنتخابية، لا يشعر إلا بالقلق علي مستقبل العلاقة بين الدولتين. ترودو الذي سخر من ترامب وفوزه أثناء زيارته للولايات المتحدة في مارس الماضي، واتهم خطاب، "ترامب" بالتشدد في أكثر من حديث، والتي أعقبها رد ترامب عليه في أغسطس الماضي، بأنه أسوء من قاد كندا، يري أننا مقبلين ربما علي خريف في العلاقة بين الدولتين، ظهرت واضحة في الإستطلاع الذي قامت به "جمعية الدراسات الكندية" بعد فوز ترامب، والذي أظهر أن 64 بالمائة من الكنديين يرون أن العلاقات ستسوء بين كندا وأمريكا في فترة حكم "ترودو - ترامب". وهذه المخاوف ربما تشمل عدة مجالات، أهمها:
تجارياً .. هناك مستقبل غير واضح بين البلدين، وربما هذا ما دفع ترودو بتذكير ترامب في بيان التهنئة يوم التنصيب، بالعلاقة الوثيقة بين كندا والولايات المتحدة وأهميتها للبلدين وحتمية الإستفادة من التجارة والاستثمارات الثنائية والتي توفر ملايين فرص العمل للكنديين والأمريكان. ولكن دعوة ترامب لـ "ترودو" وللرئيس المكسيكي لإعادة التشاور حول بنود إتفاقية "NAFTA" تُثير قلقاً لم يُزيله تطمينات "ستيفن شوارزمان" مساعد ترامب، والتي أطلقها بعد لقائه بـ "ترودو" منذ أيام بمدينة كالجاري.
إقتصادياً .. لك أن تتخيل نتيجة أي توتر في العلاقة أو ثمة تغير بشأن إعفاءات جمركية حالية مع دولة تستحوذ علي 75 بالمائة من صادراتنا إلي 35 ولاية أمريكية بقيمة تقترب من 600 مليار دولار سنوياً، علي العديد من أسعار السلع والمنتجات والخدمات
حدودياً .. موقف ترامب المتشدد من اللاجئين والمهاجرين معروف أعلنه اثناء حملته الإنتخابية وأكد عليه بعد تنصيبه، وموقف ترودو المرحب باللاجئين والمهاجرين أيضاً معروف، وهو ما ستتبعه هجرة داخلية بالشمال الأمريكي لمجموعات وأفراد من الجنوب الأمريكي إلي الشمال الكندي، وهو ما قد أشار إليه مرصد الأفتاء، بأنه من المنتظر لجماعات الأخوان بالولايات المتحدة أن تكون جزءاً من هذا النزح إلي كندا
سياسياً .. كل المؤشرات والمواقف والتصريحات بل شخصية رئيس الوزراء الكندي والرئيس الأمريكي الحالي، تقول أننا مُقبلين علي تباين في الرؤي وليس توافق
أخيراً .. كل ما سبق قراءات ولكننا نعلم أن السياسة أمر معقد وشائك ومتلون، وبمرو الوقت قد تطغي كاريزما المنصب والمصالح المشتركة علي الكاريزما الشخصية لكليهما، وهذا ما نتمناه.