أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

زينب علي البحراني تكتب: هل هو حقا فن هابط؟

في القرن الواحد والعشرين، ومع انتعاش مفاهيم "الثقافة الاستهلاكية" و"الفن الاستهلاكي" اللذان عزز ازدياد القنوات الفضائية التلفازية والفضاء المفتوح للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من انتشارهما كوسيلتين مناسبتين للتسلية وتحقيق بعض جوانب الإشباع المعنوي والغريزي؛ صار من الصعب تجاهُل النماذج تلك الفنية أو الثقافية التي تمتاز بمعدلات سماع ومشاهدة مُلفتين حتى وإن تم رجمهما بتهمة التفاهة، السطحية، الهبوط، أو إفساد الذوق العام، ففي النهاية لولا وجود مُستهلك يُغذي انتشار تلك "السلعة" باهتمامه لانطفأ وجودها من تلقاء ذاته. قبل شهور قادني موقع "يوتيوب" إلى "فيديوكليب" لفنانة استعراضية لبنانية مشهورة، ولفتت اهتمامي حالة التناقض العجيبة بين الرقم الذي يعلن عن مرور ملايين المُشاهدين خلال فترة وجيزة أفصح عنها تاريخ نشر الفيديو مقابل مئات التعليقات المفخخة بالسباب والشتائم والألفاظ البذيئة التي تصف الفنانة بالفسق والفجور والانحلال واعتبار كل مساهم في صناعة هذا الفيديو وكل مُشاهد له من "حطب جهنم"! فإذا كان كل هؤلاء المُعلقين أتقياء بررة ملتزمين دينيًا وأخلاقيًا من وجهة نظرهم؛ ما الذي جاء بهم لسماع ومشاهدة فنانة ذات اسم صارخ ومعروف للجميع بهذا النوع من الأداء؟ وإذا كانوا عاشوا عمرهم كله في بيئات عامرة بالورع والصلاح فمن أين تعلّموا أصلاً تلك الكلمات البذيئة التي كتبوها؟ وكيف لم تمنعهم "أخلاقهم الرفيعة" عن "الهبوط" بإطلاق الإساءات والشتائم في كل الاتجاهات؟ بعدها بفترة صادفت على فيسبوك فيديو كليب آخر لفنانة استعراضية أخرى مشهورة في لبنان لكنها أقل شهرة في بقية بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبطبيعة الحال لاحظت ظاهرة التعليقات ذاتها بينما عدد مشاهدات الفيديو تشير إلى أن هناك من لم يكتفوا بمشاهدته مرة واحدة، بل أعادوا وزادوا في مشاهدته عشرات المرات! ثم شاءت الصدفة أن أشاهد مشهد الأم التي ترافق ابنها إلى مقابلة الوظيفة من برنامج "ساترداي نايت بالعربي" على يوتيوب أيضًا، وأدهشني كم التعليقات الناقدة للفنانة "كندة علّوش" بسبب الحوار الذي تضمن كلمة باللغة الإنجليزية اعتبرها البعض علامة من علامات الانحطاط وقلة التربية وكل قاموس مصطلحات الرذيلة في اللغة العربية، رغم أن الكلمة التي قيلت عادية جدًا ومُتداولة على صفحات المجلات الطبية، ومواقع الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، ويكثر تداولها بين الذكور من الشباب حتى خلال أحاديثهم المُعتادة، ولولا أن مُنتقديها يسمعونها ويقرؤونها في أماكن أخرى لما عرفوا معناها أصلاً رغم أنها نُطقت بالإنجليزية، وهذا يعني وجود شريحة كبيرة "منافقة" تُظهر غير ما تبطن من شرائح المجتمع، مقابل شريحة أخرى تعيش في عالم معزول عن التطورات الواقعية للعالم الذي نعيش فيه رغم ما وفره الفضاء الإلكتروني من انفتاح بلا حدود في القرن الواحد والعشرين، وهو ما يُذكرنا بقضية الممثلة المصرية "انتصار" حين أبدت رأيها بشأن "أفلام البورن" فجاء رد فعل المجتمع أكثر مُبالغة من واقعه الذي يؤكد بالإحصائيات ارتفاع معدلات مشاهدة تلك الأفلام فيه! أي أن كثيرين يُشاهدون تلك الأفلام فعليًا؛ لكنهم حين يأتي الحديث عنها يتصرّفون وكأنهم لا يعرفونها، ثم يُشغلون أسطوانة: "هذا الإعلام الفاسد الذي يستهدف نشر الوساخة والقذارة والانحلال في مجتمعاتنا التي لازالت في المهد ويستحيل أن تصل إلى سن البلوغ"! بعد مرحلة طويلة من الفصام حاد بين تفكير الشخص وسلوكه ي بلداننا العربية؛ دخلنا مرحلة الصراع واقعه الخارجي المحيط به، والذي يتفق مع أفعاله، وبين محاولاته "إنكار" هذا الواقع تحت شعار: "كلهم وسخون إلا أنا حتى وإن كنت أفعل ما يفعلون"، لتنعكس آثار هذا الصراع الرهيب في صورة اضطرابات في تعامله مع نفسه، ومع أولاده، ومع أهله، ومع أصحابه، ومع كل من يتعامل معه، ولا يمكننا توقع أي تقدم في المجتمع مادام الإنسان يعجز عن الوصول إلى مرحلة الشجاعة التي تؤهله للتحرر من معظم قيود ازدواجيته، ليتوافق عالمه الداخلي مع عالمه الخارجي بسلام. زينب علي البحراني- السعودية