The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

دولا أندراوس تكتب: اعتراف

محاسبة النفس والاعتراف بالخطأ من أشد الأمور صعوبة على الإنسان. فكلنا يحب أن يرى ذاته كاملاً بلا عيب ويؤثر أن يغض بصره عن العيوب ويتعامل مع نفسه علي أنها كالزبون دائماً علي حق بدون أن يدري أنه بهذا التعامي يغلظ ضميره ويفقد مع الوقت انسانيته. حكت لي إحدى صديقاتي حكاية لاتزال عالقة بذهني إلي الآن.. قالت: ״كانت لوالدتي خالة عجوز تخطت التسعين وكانت -علي بخلها -امرأة ثرية مما جعلها فريسة ً للأقارب الطامعين الذين التفوا حولها متمنين موتها السريع ليرثوها. وقد حاولوا التظاهر بمودتها وبالرغبة في خدمتها أمدا طويلا غير أن المرأة كانت متمسكة بالحياة بشكل مثير للعجب فكانت كلما مرضت وتوقعوا أن النهاية غدت وشيكة، عادت فتماثلت للشفاء وخيبت رجاءهم في الإرث المأمول. و بالإضافة إلي هذا فقد كانت امرأة مُتعِبة، سليطة اللسان، كثيرة المطالب ودائمة التبرم والشكوى مما دعا الجميع في نهاية الأمر إلي إهمالها والانفضاض من حولها خاصة لأن أحدا لم يكن يعلم المكان الذي تحتفظ فيه بأموالها. لم يبق معها في النهاية سوى والدتي التي استضافتها في بيتنا وكانت تقوم علي خدمتها بمنتهى الحب والرعاية كما يليق بإبنة بارة متحملة شكواها ولسانها السليط. وتمرالأيام ويحصل أخي علي الثانوية العامة بمجموع يجبره علي الالتحاق بجامعة بعيدة ويقتضي الأمر أن تسافر والدتي معه لتساعده علي العثور علي محل إقامة.. ولما لم يكن فينا أنا وإخوتي من يستطيع خدمة الجدة العجوز نظرا لصغر سننا ولانشغالنا بالدراسة اضطرت أمي إلى أن تلجأ إلي أختها الكبري وتترجاها لكي تستضيف الخالة العجوز في بيتها أسبوعاً أو اثنين علي الأكثر لحين عودتها من تلك المهمة العاجلة. وتقبل خالتي علي مضض.. ثم تشاء الأقدار أن تمرض المرأة مرض الموت وهي في بيت خالتي.. وإذ تشعر بدنو الأجل تنادي خالتي وتطلب منها أن تفك جرابا التف بإحكام حول خصرها.. فإذا بذلك الجراب يحوي كنزاً من العملات الذهبية.. تمنحها إياه وتوصيها أن تعطي كل ما فيه لأمي .. ثم تموت ولكن يلمع الذهب في عين خالتي فتقرر الاحتفاظ به لنفسها وتكتُم الأمر عن أختها. وتمر السنون والأخت الكبري تتمتع بالثروة بينما أمي ترزح تحت وطأة أعباء الحياة..حتي يأتي يوم أسود نسمع فيه أن إبن خالتي انقلبت سيارته علي الطريق الصحراوي ويرقد في المستشفي بين الحياة والموت. ويعتصر الألم قلوبنا بالذات قلب خالتي التي -بالإضافة لجزعها عليه كأم- تربط بين جريمتها التي ارتكبتها في حق أمي في الماضي وبين ما حدث لإبنها.. فتطرق باب بيتنا في منتصف الليل وهي منهارة.. وتبكي بشدة بين يدي أمي وهي تقص عليها ماحدث وتطلب صفحها وتعرض عليها أن تعوضها بأي مبلغ تطلبه. ولكننا فوجئنا بأمي ترفض أن تأخذ أي تعويض. ولما عنفناها فيما بعد قالت: لقد عشنا العمر كله دون أن يعوزنا شئ.. وأختي وإن كانت أخطأت إلا أن مواجهتها لنفسها واعترافها بالخطأ هما دليل طيب أصلها وشجاعتها الفائقة.. إن ثروتي الحقيقية فيكم وفي الحفاظ علي المحبة التي تجمعنا. وبرغم أن ابن خالتي قد تماثل للشفاء إلا أن خالتي لم تندم قط علي مصارحتها لأمي وقالت أن اليوم الذي اعترفت فيه بارتكابها لتلك الفعلة المشينة كان أول يوم تعرف فيه طعم النوم العميق علي مدى سنوات طويلة.. وأنها لو كانت تعلم مدي الراحة التي ستستشعرها بمجرد اعترافها بخطئها لفعلت ذلك منذ زمن. أحياناً ترهبنا المواجهة فنعتقد أن في تأجيلها راحة..ولكن هذه المماطلة تسبب في أن تتلطخ سنون العمر بالمشاعر السلبية وعذاب الضمير بينما الأحرى بنا أن نواجه المواقف بشجاعة ونتحمل تبعات أفعالنا مرة واحدة نهنأ بعدها بالسكينة والسلام وراحة الضمير.