ابرام مقار يكتب: الكنيستين القبطية والأثيوبية .. أزمة عابرة و تاريخ قديم
بقلم: ابرام مقار
في القرن الأول الميلادي بشر الشماس فيلبس بلاد الحبشة، وفي القرن الثالث تحولت أثيوبيا - وكان أسمها وقتها مملكة أكسوميت الأثيوبية - بأكملها إلي المسيحية وصارت الديانة الرسمية. وفي عام 325 م أرسل ملك أثيوبيا شخص يُدعي "سلامة السرياني" إلي البابا أثناسيوس بطريرك الكنيسة القبطية العشرين، ليقوم برسامة الأنبا سلامة كأول أسقف علي أثيوبيا. وأستمر إتحاد الكنيستين القبطية والإثيوبية ، وأستمر بطريرك الكنيسة القبطية هو رئيس أساقفة الكنيسة الأثيوبية منذ ذلك الحين وحتي عام 1948، أي علي مدي أكثر من 17 قرناً، بما في ذلك مرحلة ما بعد الغزو العربي لمصر، ولم تنقطع المكاتبات والصلة بين الكنيسة القبطية والكنيسة الأثيوبية، حيث تعتبر أثيوبيا الدولة الأفريقية الوحيدة والتي نجت من توسعات الدولة الإسلامية. وفي 13 يوليو عام 1948 توصلت كلاً من الكنيستين القبطية والأثيوبية إلي أتفاق يقضي بإستقلال الكنيسة الأثيوبية وإنفصالها. وقام البابا يوساب الثاني برسامة خمسة أساقفة للكنيسة الأثيوبية وفوضهم بإنتخاب رئيس أساقفة لهم وكان الأنبا باسيليوس وقتها ، وفي عام 1959 قام البابا كيرلس السادس برسامة الأنبا باسيليوس كأول بطريرك علي الكنيسة الأثيوبية الأرثوذوكسية. وفي عام 1971 توفي البطريرك باسيليوس وخلفه في ذلك العام ثيؤفيلوس، وفي عام 1976 اُعتقل البطريرك ثيؤفيلوس من قبل السلطات العسكرية، وقامت الحكومة بإنتخاب بطريركاً جديداً هو "الأنبا تكلا هيمانوت"، ورفضت الكنيسة القبطية إنتخاب ذلك البطريرك بإعتبار أن المجمع المقدس للكنيسة الأثيوبية لم يقر بعزل البطريرك السابق ثيوفيلوس، لتنقطع العلاقة بين الكنيستين القبطية والأثيوبية بسبب هذا الأمر، وفي عام 1988 تم تنصيب البطريرك الرابع، البابا مرقريوس والذي تم عزله عام 1991 وتم تنصيب البابا باولس، وتحسنت العلاقات مرة أخري بين الكنيستين، ففي عام 2007 زار البابا باولس البابا شنودة بالقاهرة ، ورد له البابا شنودة الزيارة عام 2008، كذلك لقاء أخر بين البطريركين بالقاهرة عام 2011. وبعد رحيل البطريركين تقابل البابا تواضروس والبابا متياس مرتين أحدهما بالقاهرة والثانية بأثيوبيا خلال عام 2015. سبب السرد التاريخي لما سبق هو التذكير حتي لا تكون مناوشات الطرفين القبطي والأثيوبي في دير السلطان والممتدة منذ خمس عقود وتصاعدت الأسبوعين الماضيين لا تكن سبب أن ننسي علاقة أزلية بين الكنيستين أمتدت لقرابة 18 قرن. فالكنيستين يشتركان في نفس صلوات القداس والأيقونات والرهبنة ونظام الدير والأصوام والأسرار وعيد النيروز والتعليم الإكليريكي بل نفس النظرة المسيحية لعديد من الأمور مثل عدم تناول الكحوليات والجنس خارج الزواج والأجهاض. لا يصح أن نختلف علي دير مساحته 1800 م2 في مدينة القدس القديمة والتي ليس بها ملكية من الأساس بل حق إنتفاع. لا يصح لكنيستين يعتبران من أول من عرف المسيحية في مهدها منذ القرن الأول وتشاركنا المجامع المسكونية الإيمانية الكبري في أفسس ونيقية وكلاهم كنائس لاخلقدونية، أن ينسوا الماضي القديم بسبب حاضر عابر. أثق في إعتدال البابوات تواضروس الثاني ومتياس الأول عبر تحويل هذا الأرث الإيماني التاريخي لفضائل مسيحية تجمعنا علي مائدة واحدة لحسم هذا الأمر