ابرام مقار يكتب: اليوم القبطي العالمي والإنفتاح علي العالم
في عام 451 ميلادية عٌقد المجمع المسكوني للكنائس بمدينة خلقيدونية والتي نُسب لها أسم المجمع، وهو المجمع الذي تسبب في إنشقاق الكنائس الشرقية متمثلة في الكنائس الشرقية، القبطية والأرمنية والسريانية والتي رفضت الإعتراف بهذا المجمع وتم تسميتهم بـ "اللاخلقيدونيين" بقيادة البابا ديسقورس البطريرك الخامس والعشرين للكنيسة القبطية، عن الكنيستين الرومانية والبيزنطية والذين سميا بـ "الخلقيدونيين" بقيادة "لاون" أسقف روما والذي لم يعترف بمجمع أفسس والذي حدث قبل مجمع خلقيدونية بعامين ، خلاف وإنشقاق أستمر لمدة 16 قرناً رغم محاولات فردية للمصالحة أو للوحدة مرة أخري ولكنها كانت محاولات غير مؤثرة، خلاف كان سبباً في إنعزالنا عن الكنيسة العالمية طوال ذلك الوقت الطويل، إنعزال كان له ثمناً باهظاً بعد الغزو العربي لمصر في القرن السابع، بسبب أن الأقباط وكنيستهم واجهوا إضطهادات تلك الفترة المريرة المستمرة بمفردهم. وتعالت أصوات رأب الصدع بين الكنائس في العقود الأخيرة، وظهرت دعوات الوحدة بدلاً من الفرقة، والحوار بدلاً من القطيعة ، والتصالح بدلاً من الخصام. دعوات خرجت من رحم عالم تغير بالكامل سياسياً وإجتماعياً، وأجيالاً من البشر ترغب في التواصل مع الأخر في كل المجالات، ورأينا تحولات كبري بعد حربين عالميتين مات بهما عشرات الملايين من البشر تحول الأعداء إلي أصدقاء، وجاء السؤال "هل تتصالح القيادات السياسية ولا تتصالح القيادات الدينية؟"، ولهذا سعدنا ببدء الحوار بين الكنائس في عهد مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث في سبعينيات القرن الماضي، وسعدنا بطروحات ومواقف البابا تواضروس الثاني والخاصة بالكنائس الأخري ومساعيه لعدم إعادة المعمودية مع الطائفة الكاثوليكية، والسعي لتوحيد موعد الإحتفال بالأعياد المسيحية الكبري، وسعدنا بقرار الكنيسة القبطية بجنوب الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً بإعتبار الأول من يونيو - والذي يوافق ذكري دخول المسيح أرض مصر - "اليوم القبطي العالمي"، وهو الذي يمثل إنفتاحاً علي العالم تقوده كنائسنا في الخارج، وهو الأمر الذي لقي تأييداً وترحيباً وإهتماماً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في رسالة تاريخية للكنيسة القبطية
وكما نقول دائماً، أن الكنيسة القبطية وإن كانت مصرية المنشأ فقد أصبحت عالمية الإنتشار وأصبح لنا كنائس ليس فقط في أوربا والولايات المتحدة وكندا بل لها شعب في الصين واليابان وهونج كونج والمكسيك وسنغافورة وتايلاند، لدينا أجيال مهاجرة وأجيال جديدة في بلاد جديدة، المشهد أصبح مختلف تماماً عن ذي قبل، وعليه فأن قراءة ما يدور حولنا من تغييرات والسعي لمستقبل أكثر صواباً وإنفتاحاً وقبولاً هو طريق ليس لدينا إختياراً في أن نسير بغيره