ابرام مقار يكتب: بين رامي كامل و رامي مالك!
الأسبوع الماضي قامت قوة أمنية بالتوجه لمحل سكن الناشط القبطي "رامي كامل" وتم إلقاء القبض عليه وتفتيش منزله ومصادرة هاتفه وجهاز الكومبيوتر الخاص به، وأمتنعت قوات الأمن عن إظهار أذن النيابة العامة، أو إخبار أسرته عن سبب القبض عليه أو الإتهامات الموجهة له أو المكان الذي سيذهب إليه. ورامي شاب قبطي وهو أحد قيادات حركة شباب ماسبيرو وشارك في ثورتي يناير ويونيو، وعلي مدي قرابة عشر سنوات لم يكن يتحدث إلا عن الحقوق المشروعة للإقباط ومواطنتهم ومساوتهم في وطنهم والمطالبة بوقف الإعتداءات عليهم.
الحقيقة لم أستطع بعد ما حدث إلا أن أقارن بين ما حدث مع الناشط المصري رامي كامل في مصر، وما حدث مع الفنان المصري رامي مالك في أمريكا، فكلاً من مالك و كامل لهم نفس الجذور المصرية ، نفس الهوية القبطية ، نفس الديانة ، نفس الأسم ، لهما نفس اللغة - مع إختلاف أتقانهما - ولكن شتان مستقبل كلاهما. رامي كامل والذي حرمه وطنه من تعليم جيد ومستشفي أدمية وتأمين إجتماعي، لم يطلب شئ مما سبق لنفسه بل طلب فقط المساواة والمواطنة لشعب ووطن، بينما علي الجانب الأخر رامي مالك رغم أن أحلامه كانت شخصية إلا أن وطنه الجديد ساعده علي تحقيقها دون ظلم أو تمييز.
رامي مالك أبدع لانه يعيش في مجتمعات لا تعرف الخوف، فمعظم مبدعي العالم وكتابه ومفكريه وإقتصاديه قادمين من الدول التي لا يجد فيها الخوف مكاناً، عالم أنتقل من حال إلي حال فقط حينما عرفت الديمقراطية والحرية طريقها لعقول شعوبها. وظهرت شعوب العالم الأول المملوءة بالأبداع والتقدم والرقي، وظهرت شعوب العالم الثالث المملوءة بالخوف والتخلف والمرض.
رامي كامل لم يجد من وطنه ووظن أجداده سوي التخويف والتنكيل والإهانة بينما رامي مالك وجد من بلده المهاجر له والتي لم تكن بلد أبواه وجدوده كل التكريم والدعم والإهتمام
أنها رؤية كثير من أقباط المهجر والتي لم يفهمها أي نظام مصري يحكم بعد علي مدي خمسة عقود، وهي أن القبطي الذي يعيش في الخارج يحتاج أن يري مساواة الخارج بالداخل ، وعدل الخارج بالدخل ، وحرية عقيدة الخارج بالداخل، وديمقراطية الخارج بالداخل، وقتها ووقتها فقط ستكون مصر هي أمريكا ، ووقتها ووقتها فقط لن تجد الشباب المصري علي أبواب السفارات حلماً بمستقبل "رامي مالك" وخوفاً من مصير "رامي كامل"، فالوطن كما قال عنه أستاذنا نجيب محفوظ "هو المكان الذي تنتهي فيه كل محاولاته للهروب".