جورج موسي يكتب: شئ من الخوف
"شئ من الخوف" هو عنوان ألروايه ألأشهر للأديب الكبير ثروت أباظه ، تلك الروايه التي صدرت عام ١٩٦٠ عن دار المعارف المصريه ، و تدور أحداث الروايه في قرية في صعيد مصر حيث يتزعم " عتريس" عصابة تعيش علي القتل و السلب و النهب وقهر أهالي القريه ، ويصل به ألحال أن يتزوج " فؤاده" حبه القديم رغماً عنها و تقف "فؤاده" أمام "عتريس" وعصابته مما يشعل النخوه في باقي أهالي القريه فيثوروا علي "عتريس" وعصابته. وفي عام ١٩٦٩ يتم أنتاج الروايه كفيلم سينمائي للمخرج "حسين كمال" و يعترض القائمون علي الرقابه علي الفيلم أعتراضاً شديداً ويرفضون عرضه لأنهم رأوا أن "عتريس" وعصابته هم رمز لعبد الناصر وصحبه في الحكم ، وأن "فؤاده" هي مصر المختطفه رغماً عنها . سمع "عبد الناصر" عن الفيلم فقرر أن يشاهده بنفسه حتي يقول كلمته في عرض الفيلم علي الجمهور من عدمه ، وبعد مشاهدته للفيلم قال "ناصر" لو كنت مثل "عتريس" هذا فلا أستحق أن أحكم ومن حق الناس أن تثور علي" وآجاز الرجل عرض الفيلم ، وألسؤال هنا ، لم يري "ناصر" نفسه ظالم و سيئ مثل "عتريس" الفيلم فهل تظن أن "عتريس" الفيلم كان يري نفسه كذلك ؟ أنا لا أعتقد ، لا يوجد "عتريس" يري نفسه عتريساً ، "عتريس" يراه الناس عتريساً ولكن هو لا يري نفسه كذلك ، وهنا يأتي السؤال الآخر ، من ألمسؤول عن "عترسة" أنسان ما في بقعة ما علي سطح هذا الكوكب ، هل الأنسان العتريس نفسه أم من يسمحون له بالعترسه فيتركونه يتعترس عليهم كما يشاء؟ أعلم أن القارئ العزيز يعلم ألأجابة ، وأعلم أيضاً أنه حتي لو جاء "عتريساً" في مجتمع يرفض العترسه فلن يكون لهذا العتريس مكانا في هذا المجتمع . ما نراه اليوم في المحروسه هو حاله من العترسه والغطرسه الغير مبرره ، "عتريس" المحروسه لا يريد لأحد أن يتكلم ، عتريس المحروسه يعتقل من يخالفه الرأي . مثالاً لذلك ، نحن لا نعلم إلي الآن لماذا أعتُقل "شادي الغزالي حرب" ، عضو إئتلاف شباب الثوره ، هذا الطبيب الذي يُدّرس في كلية الطب والذي لم يرفع سلاحاً أو مارس عنفاً علي حد علمي ، فقط كل ما قام به هو أنه عارض النظام يوماً ما و برواية عمه دكتور "أسامه الغزالي حرب" يمكث "شادي" أكثر من عام ونصف في سجن انفرادي ؟ عام ونصف وربما أكثر تضيع من عمر شاب وكل جريمته هو أنه قال رأيه بحريه ، ولا أنا ولا أنت نعلم ماذا يحدث له داخل سجنه ألأنفرادي هذا ، فربما يخرج هذا الطبيب من السجن وقد فقد عقله وما تعلمه في كل سنين عمره ، بل وربما يخرج وقد فقد إيمانه بمعني الحياه نفسها ، و بالطبع سجّانه لن يري في نفسه لا "عتريس" أو شبه "عتريس" . مثالاً آخر " رامي كامل" الناشط القبطي الذي تم أعتقاله منذ أيام وكل جريمته أنه يتحدث عن مشاكل الأقباط ، ولا نعلم إلي ألآن ما هي التهم الموجهه أليه في دولة وضعت دستور لها منذ أكثر من مئتي عام . "رامي كامل" يقبع اليوم في معتقله باحثاً عن جرمه قبل أن يبحث عن برائته ، يبحث عن حقه في وطنه ، "رامي كامل" الذي رفض مثله ككثير من أبناء جيله أن تُسجن أفكاره داخل عقله ولا يعبر عنها بحريه ، أصبح اليوم هو وأفكاره وعقله في محبوساً في زنزانه يبحث عن أجابه لسؤال واحد ، لماذا يا "عتريس" مصر وما هي آخر عترستك هذه؟
الحريه لكل المعتقلين السلميين الأبرياء ألذين لم يمارسوا العنف ، والمجد لكل صاحب كلمة حق عارض فيها الظلم و الكراهيه والتمييز والعنصريه ودعي للمحبه والآخاء والعدل والمساواه بين البشر .