د. ماريانا يوسف تكتب : تجديد الخطاب الدينى بين الواقع وتزمت الأزهر
بقلم: د. د. ماريانا يوسف
ظلت وستظل معضلة تجديد الخطاب الديني موضع نقاش وتحليلومبارزات فكرية مستمرة لما يحمله المصطلح من معنى فضفاض ما بين النسخ والتغيير والتجديد وغيرها من المصلحات التي تتأرجح بين المحافظة على ما يدعى البعض بتسميته "التراث" وبين الحداثة ومتطلبات العصر الذي نحياه.
وان التفتنا إلى الحقيقة فسوف نجد ان تلك المعضلة في الأديان كافة وليست في الإسلام فقط، وانما تتجه الابصار وتصر على تجديد الخطاب الديني الإسلامي لما يحمله بعض الموروثات من أمور خطيرة مثل تكفير الاخر وحدود القتل واكل الميته وتعظيم الغزوات الإسلامي وما صاحبها من غزو وسبي للنساء وظهور الجماعات والتنظيمات الإرهابية مثل داعش وخلاف ذلك من أمور باتت بكل تأكيد مرفوضة ليست فقط من الواقع المعاش والمعطيات الحياتية اليومية في القرن الحالي فقط بل أيضا من مواثيق حقوق الانسان والقوانين والعهود الدولية المفصلة له، فلا شك ان الإرهاب وتنظيماته المتشعبة والتي يعد اشهرهم تنظيم "داعش" احد اهم الاجنة التي ولدت من رحم ذلك "التراث" الإسلامي الذى يصر على التمسك به شيخ الازهر.
ومن المضحكات المبكيات في الامر ان السجال الذي حدث بين رئيس جامعة القاهرة وشيخ الازهر أقيم في مؤتمر خلى من معناه، حيث كان عنوان المؤتمر "التجديد في الفكر الإسلامي"، فسنجد ان شيخ الازهر مكرها على حضور المؤتمر هو وتلامذته من شيوخ الازهر حيث جلسوا في صفوف الحاضرين بينما خليت المنصة من أيا عمامة ازهرية، وكأنها رسالة تأكيد من الدولة على حتمية تجديد الخطاب الديني والتي دعا اليها الرئيس اكثر من مرة كما تعطى صورة واضحة وكاملة عن رفض الازهر لأيا من مظاهر التجديد وهو ما طهر جليا في انفعاله في الرد على الدكتور الخشت الذى تطرق الى أهمية تأسيس خطاب ديني جديد.
من جهة أخرى يرى شيخ الازهر الامر برمته مسيء للإسلام، فكيف يتخلون عن "التراث"، وكأن "التراث" اصبح بديلا عن الدين، رغم ان مفهوم مصطلح "التراث" في معجم اللغة العربية هو ما خلفه السلف من عادات او اراء وفنون عبر الأجيال، أي انه امرا ثقافيا بالدرجة الأولى وليس دينيا، فالعادات تتغير وفق معطيات الحياة الاجتماعية و التي تتغير وفق الزمان و المكان وكينونة الحكام واحوال الناس، وكذلك الآراء قد يصيبها الصواب او الخطأ فقائلها وواضعها انسان وإلا كانت نصا دينيا مقدسا، اذن ليس التراث من الدين في شيء وان كان معبرا عنه في احد الأوقات فليس بالضرورة ان يكون معبرا عنه طيلة الدهر بذات التفاصيل والتدقيقات، فما كان مناسبا لقوم بالأمس ليس بالضرورة مناسبا او مفروضا عليهم اليوم... وهكذا.
كذلك فان الحوار المتبادل بين الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة وبين شيخ الازهر كان غير متوافقا حيث كان يستند شيخ الازهر على الحضور والذي بالطبع كان عشرات من تلامذته بنفس ذات التفكير والمنطق فكلهم استقوا الأفكار سويا كما هي دون نقاش او جدال من ذات الكتب والمراجع فشربوا "التراث" حتى فاض دون فهم، فكانوا يصفقون لشيخهم وكأن شيخهم انتصر في حرب عضال، وليست مناقشة فكرية تنتصر فيها الدلائل وقوة الفكر والحجة وليس الغلبة بالكثرة أيها الشيخ الكريم.
كما ان اتهامه للدكتور الخشت بانه اشعريا زاد الامر سوءا و دفع برئيس جامعة القاهرة بالدفاع عن نفسه بدلا من التمسك بأهمية خطاب التجديد نافيا انتمائه للأشعرية، وما فعله شيخ الازهر هنا يسمى بعلم النفس "استقطاب جماعي للموقف" لينقلب الامر على صاحبه من ابداء رأيه في امر ما الى الدفاع عن نفسه.
اما عن حديث الشيخ الطيب عن الفتوحات الإسلامية- كمااسماها- و التي صرح فيها نصا "انه لولا التراث الديني ما وضع المسلمون قدما لهم في الصين وأخرى في الأندلس" فدعني اطرح عليك بعض الأسئلة اختتم بها مقالي:
* لماذا يرفض شيخ الازهر الحملات الصليبية التي كانت تضع قدما في المشرق وأخرى في المغرب لصالح الديانة المسيحية الكاثوليكية؟ بينما يقبل بحفاوة الغزوات الإسلامية التي كانت تضع قدما في الصين و قدما في الاندلس – حسب وصفه-.
*هل لقوة الجيش الاسلامي دلالة على ان الله معه وينصره؟ ولو كانت الإجابة نعم.. فكيف غلبت الجيوش الصليبية او جيوش المغول والهكسوس؟ وماذا أيضا عن الإمبراطورية الرومانية التي كانت تعبد الاوثان؟
*ولما التحيز في المصطلحات "الفتوحات الاسلامية" و"الحروب الصليبية" لماذا لم تطلق على الاثنين فتوحات او على الاثنين غزوات او حروب؟