أبرام مقار يكتب : مناظرات الرئاسة من الحسم إلى الفوضى
بقلم: أبرام مقار
"هلٌا تخرس يا رجل؟!" ، "من الصعب أن تقول كلمة في وجود هذا المهرج" ... كانت تلك بعضاً من الإهانات التي وُجهت للرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترامب من منافسه الديمقراطي "جو بايدن"، وبدوره رد ترامب له الإهانة بوصف بايدن بـ "الدمية" و "أنه لا يمت للذكاء بصلة"، كان ذلك في المناظرة الرئاسية الأولي -وربما تكون الأخيرة لظروف الكوفيد- التي أُقيمت بمدينة كليفلاند بولاية أوهايو، ليلة التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي. تطاول وسباب ومقاطعة من الطرفين، ولهذا أستحقت أن يُطلق عليها المناظرة الرئاسية الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة، بحسب وصف "آرون كال"، الاستاذ في جامعة ميشيجان والمتخصص في المناظرات الرئاسية. فمنذ مناظرة الديمقراطي "جون كينيدي والجمهوري "ريتشارد نيكسون" عام 1960، لم يصادف محاور هذا الكم من الصعوبة في السيطرة على المرشحين مثلما حدث مع "كريس والاس" والذي أدار تلك المناظرة، في محاولة للسيطرة علي طرفي المناظرة من المرشحين. بل وتعرض "كريس" نفسه للهجوم من قبل الرئيس ترامب والذي وصفه بأنه "يقلد" والده مايك والاس، الذي كان مراسلاً بقناة سي بي إس.
على مدى 90 دقيقة حاول ترامب الهيمنة على دائرة الضوء كعادته ، بينما حاول "جو بايدن" الظهور بطريقة ثابتة وواثقة لطمأنة الأمريكيين لطريقة تفكيره في إدارة البيت الأبيض، وكذلك تبديد مخاوف الكثيرين بشأن عمره وحيويته العقلية وتجنب التعثرات اللفظية، التي تتحدث عنها جملة منافسه دونالد ترامب دائماً. على مدى 90 دقيقة هي مدة المناظرة، حاول ترامب الإيقاع بخصمه في خطأ. بينما حاول بايدن بالتقليل من ترامب وانه شخص كاذب وليس مصدر ثقة للأمريكيين فيما يقول ويفعل. وبينما رأي كثيرين أن ترامب ظهر عليه التعب بينما كان بأيدن أكثر ثقة إلا أنه علي النقيض كانت مناظرة منصب نائب الرئيس، والتي أقيمت بواشنطن وأدارتها "سوزان بيج" مديرة "يو أس أيه توداي"، حيث ظهر النائب الحالي مايك بنس أكثر هدوءً وثقة من هاريس كمالا نائبة جو بايدن. وعلى خلاف فوضى وشتائم مناظرة ترامب وبايدن كانت مناظرة بنس وهاريس أكثر تحضراً وهدواً وإحتراماً وسمع كل طرف للأخر دون مقاطعة.
المناظرتين لم ترجح كفة علي أخري، ولم تظهر فارق لطرف عن أخر، ويبدو أن المناظرات لم تعد تؤثر كثيراً علي الناخبين، فقد أنتهي عصر التصويت للأكثر حيوية وشباب بالمناظرة والتي استفاد منها كينيدي قبل ستة عقود ، وسياسة الجمل القصيرة البسيطة والتي استفاد منها ريجان لمدتين رئاسيتين ، وخسارة المتعالي المغروز كما حدث مع أل جور أمام بوش الأبن قبل عشرين عاماً. فضعفت ووصل بها الحال لتلك الفوضى التي رأيناها، وليس أمامنا إلا أنتظار الثلاثاء الأول من نوفمبر لمعرفة الفائز والرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة