ابرام مقار يكتب: العلاقات الكندية الأمريكية وأزمة في الأفق
في التاسع عشر من فبراير عام ٢٠٠٩ كانت أول زيارة خارجية رسمية للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما هي إلي كندا، وتقابل وقتها مع رئيس الوزراء الكندي المحافظ ستيفن هاربر، وقال أوباما أنه يعتز بأن أبرز مساعديه بينهم أثنين كنديين، كما أن زوج أخت زوجته ميشيل أوباما كندي الجنسية. وفي الثالث والعشرين من فبراير الماضي، أي بعد اثنتي عشر سنة كانت أول مقابلة رسمية - إفتراضية - للرئيس جو بايدن، كانت مع رئيس الوزراء الكندي الليبرالي الحالي، جاستن ترودو.
علاقة صلبة ليست حديثة بل قديمة بين الدولتين اللتان يشتركان في أطول حدود بالعالم، وحجم التجارة بينهما هو الأكبر للدولتين، ومعظم الولايات الأمريكية والمقاطعات الكندية بينهم علاقات توأمة. علاقة تتجاوز التجارة والجغرافيا إلى التاريخ حينما كان يختبئ الثوار الأمريكيين في كندا، كذلك التعاون العسكري الوثيق أثناء الحرب العالمية الثانية وأثناء الحرب الباردة، وكذلك الأمني بعد أحداث ١١ سبتمبر، إلي التشابه الثقافي الكبير بين الدولتين سواء شعبياً أو علي مستوى النخبة. بل هناك كنديين عبرو الحدود لمساعدة أوباما حينما كان مرشحاً لرئاسة الولايات المتحدة عام ٢٠٠٨ ، كذلك دعم أوباما، جاستن ترودو في إنتخابات ٢٠١٩ الماضية وطالب الكنديين بانتخابه. وكنتيجة طبيعية لما سبق إرتفعت بشدة معدلات السياحة والهجرة بين البلدين، كذلك وبحسب إستطلاعات جالوب فإن ٩٦ بالمائة من الأمريكيين يفضلون كندا و٩٦ بالمائة من الكنديين ينظرون للولايات المتحدة بإيجابية.
تلك العلاقة التاريخية القديمة شابها بعض التوتر فقط أثناء حكم دونالد ترامب، بسبب الخطاب العدائي والتهديدات التجارية للرئيس الأمريكي الأسبق ضد كندا، وصلت إلي دعوات كندية لمقاطعة السلع الأمريكية ، وشراء المنتجات الكندية ، عدم السفر الى الولايات المتحدة، و اتسعت الخلافات التجارية بين الدولتين في المجال الجوي وقطاع الأخشاب والصلب والسيارات. وانتشر تويتر بـ هاشتاج "BoycottUSA# - قاطعوا الولايات المتحدة" و "BuyCanadian# - اشتروا البضائع الكندية" و "VacationCanada#" - اقضوا الإجازة في كندا". وصولاً إلي مقال نشر بصحيفة ناشيونال بوست الكندية تناول بناء قنبلة ذرية من أجل اكتساب نفوذ في مواجهة الولايات المتحدة على غرار ما فعلته كوريا الشمالية.
وبعيداً عن خطاب ترامب العدائي وتصريحات بايدن الودية الأخيرة بأن الولايات المتحدة ليس لها صديق أقرب وأهم من كندا، فواقعياً وعلى مستوى المصالح المشتركة حدث العكس، فقد وافق ترامب علي إنشاء خط أنابيب "Keystone XL" والذي سينقل ٨٠٠ ألف برميل يومياً بين البرتا وتكساس، وسيُعتبر شُريان حياة لمقاطعة ألبرتا، بالإضافة ادخل كندي يصل إلي مليارات الدولارات سنوياً، بينما ألغاه الرئيس الحالي بايدن. وهو الأمر الذي أتفق فيه مع حاكم مقاطعة البرتا، "جيسون كيني" بضرورة الضغط بكل الطرق علي إدارة بايدن لقبوله، وإلا فإن تلك العلاقات الممتدة بين الدولتين ربما تكون في خطر حقيقي.
فهل ينجح رئيس الوزراء الحالي ترودو في إستخدام العلاقة الأزلية بين الدولتين أو العلاقة الخاصة بين الحزب الليبرالي الكندي والحزب الديمقراطي الأمريكي في حل تلك الأزمة؟ وخاصة أن ترودو نفسه صرح حينما رفض الديمقراطي باراك أوباما هذا المشروع قبل سنوات بأن سبب رفض أوباما هو العلاقة الغير جيدة بين المحافظ ستيفن هاربر والديمقراطي أوباما. حل تلك المشكلة لم تعد إختياراً أمام جاستن ترودو