أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

ابرام مقار يكتب: ثقافة التبرع .. وبناء الدولة

اتصل بي مراسل صحيفة مصرية بعد ساعات من خطاب الرئيس السيسي والذي اعلن فيه أنه سيتنازل عن نصف راتبه - والذي سيخضع لقانون الحد الاقصي - لصالح مصر، وطلب مني التعليق علي هذا الامر. ووفق لما رأيته وقلته، وما نشرته الصحيفة، أن هذا الموقف يضيف جداً لشخص السيسي "الانسان"، وهو بالحقيقة يضيف نبل الي نبله، وخاصة أنه لم يكتفي براتبه فقط ولكن أضاف انه سيتبرع بنصف ما يملك بما فيه ميراثه عن ابيه لصالح الوطن. هذا علي الصعيد الانساني، ولكن وأن كان هذا القرار يصب لصالح السيسي "الانسان" ، لكنه لا يمثل أضافة لصالح السيسي "الرئيس". فإدارة الدول شأن اخر، فلم ينتعش إقتصاد دولة مثل الارجواي حينما تنازل "خوسيه موخيكا" عن تسعين بالمائة من راتبه وحينما فتح قصر "كاسا سواريث" الرئاسي في فصل الشتاء لإيواء المشردين ، ولكن نهضت أورجواي حينما وضع "خوسيه" تناغم بين الوضع الاجتماعي لبلاده وبين اساسيات السوق الحر، وحينما أعتمد علي الطاقة الخضراء من طاقة شمسية وتوربينات الهواء والتي جعلت أورجواي علي رأس الدول المنتجة للكهرباء، وبسببها هبطت معدلات البطالة والفقر في الدولة. اخلاقيات ووطنية "دي سيلفا"، الرئيس البرازيلي لم تكن بمفردها القادرة علي النهوض بإقتصاد البرازيل وتحقيق العدالة الاجتماعية بها، بل بالإعتماد علي مستشارين اكفاء في المجال الاقتصادي، كذلك بأحتواء رجال الاعمال بالتوازي مع الاهتمام ببرامج مكافحة الفقر مثل برنامج "بولسا فاملي"، والإعتماد علي الشركات العملاقة في صناعة السيارات والطائرات ومصانع المنتجات الغذائية والتي وفرت للبرازيل ما يقرب من 60 مليار دولار، وأخرجت معها أكثر من 20 مليون برازيلي من تحت خط الفقر. وتحولت البرازيل في عشر سنوات مدة حكم "دي سيلفا" لتصبح أحدي الدول المقرضة للبنك الدولي بعد أن كانت مدينة له بينما كانت دولة مثل اليابان تحتاج ثقافة وأخلاق من نوع اخر لتنتقل من حالة انهيار تام بعد الحرب العالمية الثانية وفي اقل من عقدين من الزمان لتصبح من رواد العالم. اليابان والتي وصفها السفير الأمريكي "إدوين أشاور" في كتابه "اليابانيون"، تلك الدولة التي نهضت بأمرين، اولهما إرادة الانتقام من التاريخ بعد عار الهزيمة علي يد قوات التحالف من خلال ثقافة التحدي، فحينما انهزمت ردت بالانتقام "السلمي" وذلك بدراسة المنتصر والاستفادة من اسباب انتصاره عليهم،ولم يكن غريباً أن يقول امبراطور اليابان "أن سر قوة اليابان وتقدمها هو انها بدأت من حيث انتهي الاخرون". والسبب الثاني لنهضة هذا الشعب هو الاعتماد علي نظرية "بناء الانسان"، من خلال نظام تعليمي وثقافي حديث لا يعرف إلا اخلاقيات وقيم العمل الجماعي. لامانع من اعطاء السيسي المثل للاخرين بالتنازل عن جزء من مرتبه وممتلكاته لصالح الوطن. ولا مانع من انشاء صندوق تبرعات يشرف عليه شخصيات محترمة في الشارع المصري مثل البابا تواضروس وشيخ الازهر، لكن علينا ان نعلم أنها ليست حلول بل الحل الوحيد هو إدارة الدولة علي عدة اسس أهمها بناء المؤسسات ، وهيبة القانون ، وإعلاء العلم والتعليم ، وتطبيق النظم الحديثة ، والسير في ركب ممن نجحوا من قبلنا