The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

منسي موريس يكتب: نقد ظاهرة عدم تحلل أجساد القديسين‎

من الهام الوقوف عند الظواهر الاجتماعية التي تشكل الوعى الجمعى خاصة إذا كانت هذه الظواهر ترتبط إرتباطاً ضرورياً باللاهوت والعقيدة لأن مجتمعنا يستقى من الدين كل شيء ويتكون عقله وثقافته ومفاهيمه عن العالم والوجود وفق هذه التصورات والظواهر الدينية فدراسة الظواهر المتغلغلة في الكيان الثقافي أمر جد ضرورى ، لذلك كنت دائماً أقول لنفسى إذا أردت أن تتعرف على حقيقة مجتمع ما فعليك أن تدرس وترصد أهم الظواهر المترسخة فيه .

من منا لم يذهب إلى الأديرة ولو لمرةً واحدة على الأقل في حياته وشاهد مزارات للقديسين ؟ من منا لم يرى صوراً لأجساد بعض القديسين التي لم تتحلل وبجانبها جماعة من الناس يتبركون ويتشفعون بها ؟ من منا لم يسمع عن الترابط بين عدم تحلل أجساد هؤلاء القديسون وبين قداستهم ؟ لاشك أننا جميعنا تأثرنا بهذه الفكرة ورغم تفاوت هذا التأثر بين فرد وآخر لكن هذا لايمنع أننا أمام ظاهرة متأصلة عند الكنائس التقليدية ، ولولا أن هذه الظاهرة لها آثار سلبية على أرض الواقع ماكنت تطرقت للكتابة عنها أو التفكير حتى في نقدها رغم أننى كنت أؤمن بها في طفولتى ، ومن الآثار السلبية لهذه الظاهرة " إعطاء تصورات لاهوتية مغلوطة ، تأكيد على الخرافة والجهل بدلاً من ثقافة العلم ، إستغلالها في إعطاء أمل زائف للمساكين" وسيكون النقد من ناحية لاهوتية وعلمية .

أولاً: النقد اللاهوتى : لم يخلق الله الإنسان لكى يخلد من الناحية الجسدية لكن الخلود هو صفة أساسية للروح البشرية أي الجانب الغير مرئى و مادى فينا لأن هذا الجانب لا يتأثر بالمادة وعواملها وهذا يتضح في الآية التي تقول (بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها. لأنك تراب، وإلى تراب تعود»." (تك 3: 19) فالكتاب المقدس لا يُشير من قريب أو بعيد إلى ظاهرة خلود الجسد ولم نجد لا فى العهد القديم أو الجديد أن نبياً أو رسولاً أو تلميذاً ظل جسده بدون تحلل وربطه الوحى الإلى بالقداسة ولو كان هذا موجود لكانت الأولوية تكون لهؤلاء لكن لايوجد نهائياً بل نجد العكس تماماً هو الصحيح كما هو واضح  في قصة " إخفاء الله لجسد موسى " حتى لا يؤلهوه ويعبدوه ويمارسوا نفس السلوكيات التي نجدها الآن من بعض الناس مع القديسين ، فلا يوجد أي ترابط أو علاقة بين القداسة وحفظ الجسد بعد الموت في الوحى الإلهى لأن مفهوم القداسة والإيمان هو مفهوم روحانى مكانه قلب الإنسان من الداخل ونطرح على أولئك الذين يؤمنون بهذه  الفكرة هذا السؤال إذا كانت القداسة ترتبط بحفظ الأجساد بعد الموت فلماذا لم يحفظ الله لنا أجساد الأنبياء والرسل والتلاميذ؟ هل هم أقل قداسة من الذين نرى أجسادهم الآن؟

ثانياً : النقد العلمى : لاشك أن غياب الثقافة العلمية لها دور كبير في ظهور مثل هذه الظواهر لأن بغياب التفكير العلمى يلجأ الإنسان لتفسير كل ما هو غريب عنه تفسيراً غيبياً وروحانياً وهذا الأمر شائع منذ القديم فالإنسان القديم كان يفسر الظواهر الطبيعية على أسس لاهوتية ويربطها بالآلهة وبالأرواح فهذا ليس بجديد على الإنسان وفى ظاهرتنا هذه هناك الكثير من الأجساد التي لم تتحلل فالهندوس لديهم " قديسون لم تتحلل أجسادهم "  والبوذية أيضاً كذلك وبعض الأديان الأخرى فهل هؤلاء أيضاً قديسون؟ وحتى الكثير من الحيوانات توجد لها هياكل وحفريات منذ آلاف السنين وكل ماهنالك أن السبب يعود إلى التربة ذاتها وليس إلى الجسد فكلما كان الجسد بعيداً عن الحرارة والأوكسجين والبكتريا والضوء كانت إحتمال تحلله أضعف .

ثالثاً : لمن نحتاج : نحن كبشر نحتاج إلى التعاليم الروحية السامية لا إلى بقايا أجساد لأن الجسد الذى لاروح فيه لن يفيدنا بشىء لكن الذى يفيدنا هو التجارب الروحية العميقة لهؤلاء القديسون فالكتب التي يتركها هؤلاء هي التي تشكل وعينا وفكرنا  وتراثنا كما الحال هو في كتب " القديس أوغسطينوس ، توما الأكوينى ، جيروم ، أثناسيوس  بونافنتورا، أكليمندس .. وغيرهم الكثير من الفلاسفة القديسون" الذين صاغوا الإيمان صياغة عقلية وإنسانية حية هي الأهم والأجدر أن نتعلم منها ونتمسك بها وننشرها ونُعلمها  لأنها هي التي تنفعنا في فهم عُمق إيماننا