The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

جورج موسي يكتب: الأسبوع الأول بعد الأربعين!‎ ‎

ها قد لمست الأربعين بأناملي التي بدأت تظهر عليها علامات الجفاف بفعل تعريات الزمن! نعم مر أربعون عاماً على تواجدي في هذه الحياة اللطيفة بزيادة والتي أعيش فيها غارقاً في بحر من الاستلطاف المتبادل بيننا منذ أربعين عاماً ورغم أنني لا أعلم إلى الآن ما هي إجابة هذا السؤال السخيف الذي يتردد في داخلي دوماً! هذا السؤال البسيط ولكنه المعقد! السهل ولكنه الممتنع! الوجيه وهو لا يخلو من البلاهة! 

وهذا السؤال هو: أنا هنا ليه يا بشر؟! وهل حقاً كان تواجدي على سطح هذا الكوكب مهماً لهذه الدرجة! وماذا كان سيحدث في هذا الكوكب المكلوم من غير مناسبة لو لم يتخذ أبي وأمي قرارهما الغير مدروس بالمرة بإنجابي في تلك الليلة التاريخية (على الأقل بالنسبة لي)! بالقطع لا شيء وربما كان خيراً لي وللعائلة وللبشرية جمعاء لو تم تأجيل أو إلغاء هذا القرار الغير مرحب به بالمرة (على الأقل بالنسبة لي) ولكنها تصاريف الأقدار! 

كل ما هناك أنه في تلك الليلة الموعودة التي تسمي مجازاً يوم ميلادي كان هناك موعداً مع القدر حتى يكون هناك أحدهم يكتب هذه السطور التي تقرأها الآن يا عزيزي! على أية حالِ، نعود لعنوان المقال وهو عن الأسبوع الأول بعد الأربعين! 

في هذا الأسبوع الذي بالقطع يأتي في العمر مرة واحدة فقط كان يمر أمام ناظري شريط ذكريات أربعين عاماً عشتها على سطح هذا الكوكب كشريط متسلسل من الأحداث الهلامية! وجدت نفسي وقد تغيرت وتبدلت، نعم لقد تغير داخلي قبل أن تتغير قسمات وجهي! لم أعد هذا الطفل المبتسم الشقي خفيف الظل الذي مازال يزورني في أحلامي بين الحين والحين فأتذكره وأتوحشه وتدمع عيناي حين أستيقظ من هكذا أحلام فأجد وسادتي وقد سقط عليها بعض من الشعيرات الصغيرة الذي بدأ لونها يتغير بفعل الشيب الذي كلل المفرقا (رحم الله شاعرنا الكبير أبراهيم ناجي)!

نعم تغيرت لم أعد بشوشاً كما كنت! لم أعد أحلم كما كنت! لم أعد أتنفس الحياة كما كنت! لم أعد أنصت كما كنت! لم أعد شجاعاً ومقبلاً على الحياة كما اعتدت نفسي! باختصار لم أعد (أنا) بل أصبحت (أنا والأيام) وما فعلته بي تلك الأيام القاسية! أتعلم يا عزيزي بعض الوقت أشعر أن هذا الطفل الذي كنته يوماً مازال في داخلي ولكنه مختفي في بقعة ما تحت جلدي وأجده يقف صامتاً! مكتوماً وصوته مخنوق وقد ضعفت وترهلت أجنحته ولم يعد يستطيع الطيران كما كان!

هذا الطفل الذي كان في يوم من الأيام چل أحلامه أن يكبر! ويا له من حلم! كان ينتظر بفارغ الصبر أن تمر الأيام حتى يكبر ويرتدي ساعة تزين معصمه كما يفعل الكبار! واليوم حين أخلد إلى نفسي أضحك في مرارة وأنا أكرر في سكون كم كنت ساذجاً حين حلمت هذا الحلم وها أنذا كبرت ووجدت نفسي لا أطيق ارتداء أي شيء يقيد معصمي ومن ضمنها الساعات! 

نعم كنت أحلم أن أكبر ولم أكن أعلم أن هذا الحلم كان حلماً للتوهان! تغيرت وتغيرت ملامح شخصيتي! لا أعلم لماذا! هل بفعل الزمن؟ أم المسؤوليات؟ أم بفعل رحيل الأحباء؟ أم تغيرت لأنني هنا وحيداً بعيداً عن أصدقائي الذين تربيت معهم وفرحت معهم وكبرت معهم وبكيت يوماً ما في أحضانهم حين احتجت للبكاء! أربعون عاماً مرت من عمري ولن تعود هذه السنوات أبداً! وها قد تحقق حلم هذا الطفل بأن يكبر وما أن كبر حتى وجد نفسه يتمني أن يعود أدراجه كما كان طفلاً ولو ليوماً واحداً أو ربما لساعة واحدة وبالقطع لن يعود! فسلاماً لروح هذا الطفل البشوش الضاحك الذي كنته يوماً والذي مازالت بقاياه في داخلي وربما تستتر تحت جلدي والذي أراها تتلاشي شيئاً فشيئاً كل يوم من قسوة الحياة ومن مرارة التجارب ومن شراسة الأيام!