The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

منسي موريس يكتب: من سيدخل السماء ومن سيدخل جهنم؟

من سيدخل السماء ومن سيدخل الجحيم ؟ من سينال الخلاص ومن سيُحرم منه ؟ أسئلة كنا نطرحها منذ أيام الطفولة لنعرف مصير الآخر الآخر المختلف معنا في الطائفة أو في المعتقد ، ولكن لم كبرنا صرنا نطرح هذه الأسئلة من زواية أخرى ليس الهدف منها مصير الآخر فقط لكن لكى نعرف جوهر العدالة الإلهية  وللأسف كانت الكثير من الإجابات التي نتلقاها تتنافى بشكل مُطلق مع مفهوم العدل الإلهى وأيضاً مع مفهوم التسامح والتعددية فبعض المتعصبين والمتشددين من الطوائف كانوا يحتكرون مفهوم الخلاص ويعتقدون إعتقاداً جازماً أنهم وحدهم المخلصين أما باقى الطوائف التي لاتؤمن بنفس إيمانهم لن ينالوا الخلاص لأنهم ليسوا نسخة طبق الأصل منهم وبكل تأكيد هذه النظرة تحتكر الله والمصير والخلاص والأبدية  ومفاتيح الخلود، و لن يكون مقالى هذا رؤية  تشبه هذه الرؤية المتعصبة ولكن تأمل عقلى للعدالة الإلهية والأبدية.

دعونا نؤكد في البداية أن " السيد المسيح " هو الطريق الوحيد للخلاص ولاشك في هذه القاعدة لأن " المسيح " هو صورة الله غير المنظور فبالتالى كل الصور الآخرى عن الله التي تتعارض معه لايمكن أن تكون صحيحة لأن المنطقى أن الله لايمكنه أن يتناقض ويكون له أكثر من هوية وشخصية وذات ومبادئ وتشريعات وقوانين ووصايا ، ولكن سبب الخلاف وكل الخلاف هو " إذا كان الله له صورة واحدة وهى " المسيح"  وله طريق واحد فطبيعى كل من لايقبل بهذه الصورة وكل من لايسلك هذا الطريق سيكون نهايته "الجحيم " وهذه الإشكالية هي التي جعلت الكثير يحكمون على الآخر المختلف معهم سواء في الطائفة أو في العقيدة أو في السلوك بأنهم لن ينالوا الخلاص وبالتالي سيكون مصيرهم " جهنم "

ومن هنا جاء الإستعلاء وإصدار الأحكام المُطلقة والمُسبقة وإحتكار الأبدية والخلاص  والملكوت بل وإحتكار الله نفسه والكل صار آلهة آلهة تعلم المصير والغيب وعوالم الإنسان الداخلية والخفية ،  وهذا المنطق الغير سوى يشوه كل الحقائق الأبدية يشوه الله وعدالته ومحبته بل وخطته ووجوده ورعايته ، إذن كيف نوفق بين أن " السيد المسيح " هو الطريق الوحيد للخلاص وبين مفهوم العدالة المُطلقة ؟ وهذا هو جوهر موضوعنا.

أولاً : العدلة المُطلقة تتطلب محبة مُطلقة : من الصعب جداً أن نفصل بين قيمة الحب وبين قيمة العدل فالعدل بدون محبة سيكون ظلم فمهما كنت عادلاً وكان قلبك خالٍ من الحب فلابد أن تقع في فخ الكراهية والحقد والإنتقام  وعلى النقيض المحبة قادرة على ذرع كل بذور العدل والرحمة داخل قلبك ، فالعدالة المُطلقة مقترنة بالحب المُطلق وفى المسيحية نجد أن الله هو " الحب المُطلق " فعدالته ستكون نابضة بالرحمة والحنان والرقة والمغفرة.

ثانياً : المحبة المُطلقة لا تستخدم معياراً واحداً للحكم : إذا كان الله هو الحب المُطلق وكل فعل يصدرعنه يكون ممزوجاً بهذا الحب فعدالته ستستند إلى معايير كثيرة وإعتبارات غير محدودة بمعنى أن الله  سيراعى  كل ظروف الإنسان التي عاشها " الثقافية ، الاقتصادية ، السيكولوجية ، الاجتماعية ، الجسدية " فلايمكن عقلاً أن يحاسب الله " الفيلسوف " بنفس معيار الشخص الذى لايعرف القراءة والكتابة ، ولايمكن أن يساوى الله بين إنسان إمتلك كل شيء في هذا العالم وتوافرت عنده كل سبل الراحة وبين شخص كادح أجير مسكين  كل همومه في الحياة  لقمة يومه وهذا الهم كسر ظهره وأثقل كاهله حتى أصبحت حياته بلاطعم ومعنى بل حمل وعبء ومرارة ونكد وألم وبؤس ، ولايمكن أن يساوى الله بين الأسوياء نفسياً وبين الذين مروا بتجارب نفسية صعبة وقاسية دمرتهم من الداخل وحطمت أعماقهم وخربت أرواحهم ، ولايمكن لله أن يساوى بين شخص ولد في أسرة مؤمنة مسيحية شرب المسيحية والإيمان منذ نعومة أظافره وبين شخص ولد في أسرة غير مسيحية تربى على أن المسيحية مجرد بدعة أو خرافة  فهل الله هنا يحاسب الإنسان بناءاً على الولادة بالصدفة ؟ لذلك العدالة المُطلقة الممزوجة بالحب تتطلب بالضرورة عدم محاسبة الإنسان بشكل واحد ووضع كل البشرية في قالب جامد ونمط ضيق بل تتطلب التفرقة ووضع كل إنسان في حالته الخاصة والفردية لأن " كل إنسان يختلف عن الآخر "

ثالثا : التوفيق بين كون " المسيح "هو الطريق الوحيد وبين خلاص غير المؤمنين : من هنا نستطيع أن نقول ليس هناك مانع أن نجد غير المؤمنين على طريقتنا  في السماء لأن كما ذكرت أن عدالة الله المملؤة بالحب ستنظر إلى الأسباب الحقيقية والمجهولة بالنسبة لنا لهؤلاء الغير مؤمنين فنحن نظرتنا قاصرة ولا نقف إلا عند التصنيفات الظاهرية وحاشا أن يكون الله يفكر بنفس طريقتنا لكنه هو الوحيد  " فاحص القلوب ومختبرالكلى " وهو الذى وهب الضمير للإنسان " فالذين ليس لهم ناموس هم ناموس لأنفسهم"  فربما الشخص الذى نحتقره ونعتبره غير مؤمن من الممكن أن يكون عند الله أفضل منا جميعاً فالله له مقاييس أخرى ومعايير مختلفة وهنا إستشهد بنص كتبه " فيدور دوستويفسكى " في رائعته " الجريمة والعقاب " على لسان أب سكير يتكلم عن ابنته التى باعت جسدها لكى تنقذ العائلة من الفقر المدقع واتجهت فى طريق الدعارة ليس حباً فيها بل رغماً عنها لأنها ضحية مجتمع ضحية بيئة تبحث عن المال لكى تنقذ أسرتها البائسة التى لاتملك قوت يومها، قال الاب سيظهر الله فى يوم الحساب فيسأل أين هى تلك الفتاة المسكينة التى ضحت بنفسها فى سبيل امراة أبيها ، أين هى الفتاة المسكينة التى أشفقت على أبيها وسوف يقول لها لقد سبق وغفرت لكِ مرة والأن أعفو عن جميع خطاياكِ إذا نظرنا إلى عُمق مايريد قوله " دوستويفسكى " هنا سنجد ان الله وضع فى الإعتبار معاناة هذه الإنسانة ووضع أيضا فى الإعتبار سبب سير هذه الفتاة البريئة فى هذا الطريق وهى مسلوبة الإرادة بالتأكيد لوقررنا ان نأخذ راى رجل دين فى تلك المسالة في الغالب  سوف يحكم على المسكينة بالجحيم الأبدى دون ان ينظر الى الدوافع التى جعلت الفتاة تسير فى هذا الطريق وهذا حكم لا إنسانى بالمرة.

ونضيف ملاحظة أخرى على ملاحظة " دوستويفسكى " ونأخذ مثالاً آخر لفتاة أخرى ذهبت فى طريق الخطيئة حباً فيها رغم أنها تملك المال وتعيش فى مجتمع راقى  ينعم بعدالة إجتماعية فهل من العدل ان يكون العقاب واحداً عند الله  بين هذه الفتاة وبين فتاة دوستويفسكى المسكينة ؟ إذا قلنا نعم وقلنا سيكون العقاب واحداً وبنفس المستوى والمقدار أقول إذن  يجب أن نُعيد النظر فى إنسانينا وضمائرنا لأن هذا يعتبر ظلم كبير وتشويه لصورة العدالة الإلهية فالله دائما يراعى الظروف والعوامل التى تشكل حياة الإنسان إنما نحن البشر في الغالب لانراعى هذا مطلقاً وهذه كارثة  من الكوارث الكبرى ننظر الى الجريمة دون أن ننظر إلى الدوافع والعوامل والأسباب التى دفعت الشخص للجريمة ننظر إلى عدم الإيمان ولاننظر إلى ما وراء دوافع عدم الإيمان  فمن العدل أن نراعى هذه العوامل والدوافع فليس من المعقول أن الله يُحساب الكل بالجملة ويحكم على الكل دفعة واحدة  لأن الظروف وشخصيات البشر ليست واحدة ، فالله محبة ومحبته هي التي تجعلنا نثق في عدالته الكلية والمُطلقة وتعطينا الأمان والأمل في العالم الأبدى.