ابرام مقار يكتب: لم أنزعج لأن الأكثرية طالبان .. ولكن بنسبة!
لم أنزعج من كم المتعاطفين المصريين علي مواقع التواصل الإجتماعي، مع عودة حركة طالبان الدموية المتطرفة لحكم دولة أفغانستان، لم أنزعج من استمرار هذا التعاطف رغم ما نقلته شاشات وكاميرات المواقع والصفحات للشعب الأفغاني وهم يتركون سياراتهم وبيوتهم وأموالهم، ويهرولون نحو مطار كابول هرباً من حكم طالبان والشريعة ، وكذلك فيديوهات لم تعرفها البشرية والإنسانية من قبل لبشر يركبون علي أجنحة الطائرة عالمين أنهم سيلقون حتفهم بعد لحظات فقط هرباً ورعباً من طالبان. حتى لم أنزعج من تبرير الأخوان ولجانهم الالكترونية وموقع رصد المتحدث باسمهم بأن هؤلاء الأفغان الهاربين هم خونة متعاونين مع الأمريكان، وهو تبرير ساذج وغير حقيقي وغير أخلاقي ويثبت الفكرة ولا ينفيها، بأنه لا عدالة في تحقيقات التنظيمات المتطرفة حال حكمهم بالشريعة كما يدعون.
لم أنزعج من كل ما سبق، ببساطة شديدة لأنني أعلم أن كلنا طالبان، طالبان نبت المدارس الدينية في أفغانستان ونحن لدينا ٢٤ ألف مدرسة ومعهد ديني في مصر يتعلم بهم قرابة الـ ٢٦ مليون طالب، وهو بالطبع عدد أكبر كثيراً من عددهم بأفغانستان قبل وصولهم للحكم في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
لم أنزعج لأنه ماذا تفعل طالبان لم نفعله نحن ولم نؤمن به نحن، العداء للمرأة بدأً من خمس عقود بتحجيبها أو تنقيبها ، أو حتى إزالة صورة وجهها من الشوارع، ألم يضع حزب النور السلفي في قائمته بالشوارع في الإنتخابات البرلمانية عام ٢٠١٢ "وردة" بدلاً من صورة مرشحته نسمة عبد الرحيم. ألم يُحجب نفس هذا الحزب السلفي تمثال حوريات البحر بالأسكندرية، وبالطبع هذه ليست تصرفات فردية أو سلوك لمجموعات صغيرة، فحزب النور السلفي بتلك السلوكيات حصل علي المركز الثاني -بعد حزب الإخوان وقتها- في عدد مقاعد تلك الانتخابات، أي أن تلك الأفعال لها قبول عند كثيرين.
ليس كلنا طالبان عبارة صحيحة لكن العبارة الأصح هي أننا كلنا طالبان ولكن بنسب، فلدينا جميع المستويات في التطرف من أقصاها إلي أدناها، لدينا من يرفض خروج المرأة من دارها حتى من لا يمانع خروجها ولكن بلباس معين لدرجة أنه ينتقد ملبس المرأة الضحية حال تعرضها للتحرش، بين متطرف يكره الأخر مثل الأقباط ولا يريد رؤيتهم أو رؤية أماكن عباداتهم ، ومتطرف أقل يوافق علي اضطهادهم فقط، بين متطرف يريد قتل التنويريين والعلمانيين ، ومتطرف أقل يشتمهم فقط.
من كل ما سبق تعرف أن ما حدث من تعاطف وتأييد وفرحة هو الطبيعي والمنطقي والمنتظر فالأغلبية طالبان، فقط بمقادير، مختلفة ولكن السواد الأعظم من تلك الأغلبية تتفق علي تأييد هؤلاء رغم كل جرائمهم التي فعلوها والمتوقع منهم فعلها.
قلوبنا مع الشعب الأفغاني من القادم ومع المرأة الأفغانية والتي ستخسر بلا شك حقوق كثيرة حصلت عليها حين تم التعامل معها كشريك في الإنسانية وليس مجرد تابع للرجل في تلك المجتمعات الذكورية الدموية المتطرفة