The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

عماد برسوم يكتب: بين النقد الفكرى والإساءة

مع النمو الفائق للسرعة الذى تشهده البشرية في مجال تكنولوجيا المعلومات وسرعة تداولها وتوافرها لكل البشر، صاحب ذلك أيضا الكثير من الأعراض الجانبية الخطيرة والتي لها أضرار شديدة تساوى في حجمها الفوائد الإيجابية التي حصلنا عليها من خلال هذا التقدم التقنى المذهل.

نحن هنا لسنا بصدد مناقشة مشاكل فنية أو اضرار أمنية من قرصنة وسرقات من خلال شبكة المعلومات، ولكننا نواجه خطرا أشد بكثير وهو فوضى الفكر والأيديولوجيات والعقائد على جميع المستويات الإنسانية من دين وسياسة واجتماع وحتى العلاقات العاطفية والحميمية. عالم أصبحت فيه كل الصفات والخصائص البشرية سلع معروضة للبيع والشراء والإيجار، ويا له من عالم سوف يتجرد فيه الكائن البشري من إنسانيته في يوم ما. 

ويبقى أخطر ما يواجه الإنسانية هى الصراعات الفكرية والتي تؤدى دوما الى العنف، والنزاعات التي تصل الى حد المواجهات المسلحة، ويشهد التاريخ بأن أعداد ضحايا الخلافات والصراعات الفكرية يفوق بكثير هؤلاء من سقطوا في حروب استعمارية، بل ما زالوا يتساقطون يوميا أصحاب التنوير والحداثة، أولئك اللذين يواجهون الفاشية الفكرية، حاملون على عاتقهم رسالة الدفاع عن الإنسانية وحمايتها من ردة فكرية وحضارية قد تأخذ البشرية إلى عصور حالكة الظلام.

ومع الأسف الشديد ساهمت التكنولوجيا، من خلال شبكة المعلومات العنكبوتية (الإنترنت)، في تهيئة ساحات هائلة للصراعات الفكرية والهجوم الوحشى على أصحاب الفكر الإنسانى المتحضر و جعلوها منصات لحشد الغوغاء و الجهلاء ضد التطور و المدنية، وتبعثرت الأفكار و الأوراق، و تاهت الإنسانية بين أفكار و دعوات شديدة الرجعية و التخلف، و مما يثير الأسى الشديد هو مشاهدة بعض الأفراد الذين لا نعرف من أي صندوق للقمامة البشرية قد خرجوا علينا بقنوات إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعى ينصبون المحاكم و يصدرون احكاما بالتكفير و الازدراء على المفكرين و على كل من تسول له نفسه نقد الفكر الانسانى و خاصا العقائدى منه. وقد ساعد هذا الاستخدام السيئ للتكنولوجيا في سرعة نشر العداء وقسوته وخاصة في أوساط الجهلاء وأنصاف المتعلمين. بل زادت الطينة بلة عندما نصب أصحاب مواقع التواصل الاجتماعى نفسهم رقباء على البشرية وقاموا أيضا بإصدار احكاما وتنفيذها على كل من يفكر أو ينقد أو يبدى رأيا، وكأن هذه المواقع هي أيضا منصات لدعم الرجعية ومحاربة أي محاولة لتحديث الفكر الانسانى بشكل عام والخطاب الدينى بشكل خاص.

واستسلمت أو وقعت المجتمعات الشرق أوسطية، حتى خارج الشرق الأوسط نفسه،  أسيرة للديكتاتورية العقائدية التى لم تسمح للبشر بالتساؤل أو حتى بمجرد التفكير في الشئون العقائدية، و قد أستخدم الحرس الحديدى للعقائد قواعد دفاعية لا تقبل المناقشة، مثل "لا تجادل يا أخى المِؤمن" أو "ابن الطاعة تحل عليه البركة" وغيرها من الأقوال المدعمة بروايات الأولين التي ذُكرت بدون سند تاريخى أو حتى بروايات مشكوك في صحتها، و بات كل من يحاول أن يفكر ضحية للأحكام الجاهزة لاتهامات غير موضوعية مثل الإساءة أو الازدراء، و أصبحت القاعدة " أنت تفكر إذا أنت مذنب".