جورج موسى يكتب: الكرتونة والمَنَّ على الأقباط!
مَن من الأقباط لم يشعر بالمَنَّ عليه؟! من من الأقباط لم يُقال له يوماً ما معناه ما يحمل هذا المَنَّ ولو على الفضلات وتوافه الأمور؟! من منا كأقباط شعر يوماً أنه مواطناً كاملا الحقوق والواجبات في وطن يحميه ويعامله بالعدل والمساواة والقرطاس؟! هذا المَنَّ التي جعل السادات يقف متفاخراً في خطابه الشهير والأخير أيضاً أمام مجلس شعبه يوم الخامس من سبتمبر عام 1981 يمَنَّ على الأقباط قائلاً بأسلوبه المعروف بالحرف الواحد: ألم أبني كنيسة لكم في مدينة العاشر من رمضان وأجبرت الأزهر علي المشاركة في وضع حجر الأساس رغم ما تعلمون من مدي عنف هذا علي الأزهر ولكنني أجبرتهم على هذا وأقول لشنودة أهو أدينا بنبني لكم كنايس من غير ما أنت بتطلب ولا بتدفع!
وقف متفاخراً يمَّن على الأقباط ببناء كنيسة بينما كانت دماء الأقباط لم تجف في الشوارع وبينما كانت كنائسهم مازالت تُحرق وبينما كانت الاعتداءات علي الطلبة الأقباط في الجامعات مستمرة وبينما كان هو علي وشك أن يعلن بعد ثوانٍ معدودة قراره بوضع بابا الأقباط رهن الاحتجاز القسري في ديره ويضع أساقفة وكهنة الكنيسة في غياهب المعتقلات دون ذنب أو جريرة!
هذا المَنَّ علي الأقباط بالفتات هو أسلوب تتبعه الدولة المصرية لمعاملة الأقباط حتي ولو لم يُعلَن كما أعلنه السادات فهو في الصدور ويخرج في القرارات، وهو فكر عنصري ضد الأقباط فمن يتبني هذا الفكر يري القبطي لا يستحق شيئاً، لا يستحق المناصب، لا يستحق العمل، لا يستحق الحديث، لا يستحق حياة كريمة تتساوي مع باقي المواطنين حتي ولو كان هذا القبطي علاَّمة في مجاله!
وبناء علي هذا الفكر علي القبطي أن يقبل بالفضلات والبواقي صامتاً وصاغراً بل هاتفاً وحامداً و شاكراً وعليه أن يقبل كل تجاوز في حقه وحق عقيدته ويقبل هدر حقوقه وسلبها منه قسراً ومعاملته معاملة أقل ما يُقال عنها أنها معاملة لا تليق بالمواطن ولا المواطنة وللأسف المنبطحون من الأقباط هم من قاموا بتغذية هذا الفكر حتي يعيش وينمو وحتي أصبح منهج حياة بل وحجة علي الأقباط أنفسهم حين يطالبوا بحقوقهم المهدورة! فهم يهتفون محتفلين بالبواقي والفضلات بينما يتم سلب الحقوق الأساسية للأقباط! وكأن الحصول على تصريح لبناء كنيسة للعبادة بعد سنوات من العناء والانتظار أصبح غاية المني للقبطي فأي منطق هذا في دولة الحقوق؟!
ومثال صارخ علي مفهوم المَنَّ هذا هو ما حدث مؤخراً من سخرية المدعو مبروك عطية من السيد المسيح في فيديو قديم تم أعادة نشرة لحاجة في نفس من قام بذلك وفي هذا الفيديو يسخر عطية من الموعظة علي الجبل ويقلل منها ثم يسخر من السيد المسيح قائلاً (اسمه عيسي بلا السيد المسيح بلا السيد المريخ) ولا أعلم ما دخل المريخ بالموضوع ولكنه مبروك عطية الرجل الذي تخرج منه بعض التصريحات التي لا تقبل القياس علي المنطق، وعلي حالِ كل فهذا ليس بيت القصيد ولكني أقول أن السخرية من المقدسات الدينية في مجتمع ملتهب طائفياً كالمجتمع المصري قد يتسبب في أزمات نحن في غني عنها ولا حاجة لافتعال هكذا خلافات.
أما اعتذار عطية عما صدر منه مما أسماه هو شخصياً (سبق اللسان) فقد جاء فيه ما تحدثت عنه في هذا المقال وهو مفهوم المَنَّ على الأقباط حين قال: أنا من أفتيت بكرتونة رمضان للمسيحي المسكين!
وهذا مثال صارخ علي مفهوم المَنَّ علي الأقباط، الرجل يرى في فتواه بتوزيع كرتونة رمضان علي المسكين المسيحي مَنَّة منه وعلي الأقباط تذكرها والعرفان بالجميل ونسي الرجل أو تناسي أن الأقباط مثلهم مثل باقي الشعب حين يتعلق الأمر بالواجبات فهم أيضاً يدفعون الضرائب التي تدفع ثمن كرتونة رمضان هذه والتي إن لم تكن تكاليفها من ضرائب الشعب فأموال شراءها إما منحة أو عطية من دولة خارجية يقيناً لم تستثني الأقباط من مثل هكذا كراتين.
هذا بالإضافة أنه نسى أو تناسى أيضاً أن مرتبه الذي يأخذه كأستاذ في الأزهر يدفع جزءاً منه الأقباط ومن المعلوم بالضرورة أن الجزء الأكبر من الميزانية للدولة المصرية هو ما يخرج من جيب المواطنين والأقباط من هؤلاء المواطنين وعلي سبيل المثال بلغ إجمالي الموازنة العامة لمؤسسة الأزهر الذي يعمل بها مبروك عطية في موازنة الدولة للسنة المالية 2022/2021 نحو ما يقارب 20 ملياراً من الجنيهات بالتمام والكمال بينما لا يستفيد قبطي واحد من هذه المؤسسة.
فممنوع على القبطي المصري الدراسة بها أو الالتحاق بها أو الحصول علي عمل داخلها ولكن مسموح بإهانة عقيدة الأقباط ومقدسات الأقباط داخل جدرانها وداخل مناهجها وعلي لسان قادتها ومن يدعون أنهم علماء ومبروك عطية علي حد قوله بنفسه عن نفسه هو أحد هؤلاء العلماء! أي أن القبطي يدفع لها لكي يهينوه داخلها! وهنا يأتي السؤال الذي أطلب من المدعو مبروك عطية الرد عليه: بمفهوم المَنَّ الذي أرفضه: من من المفترض أن يمَنَّ على مَن يا عطية؟! أنت من تمَنَّ على الأقباط بالكرتونة أم الأقباط هم من يمَنَّوا عليك بالمرتب؟!.... وللحديث بقية.