The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

هاني صبحي يكتب: حين فتحت فؤادة الهاويس!!

حينما اجتمع عتريس الجد، العجوز المخضرم، السفاح المتمرس مع رجالته، عشان يأمرهم يحضروا معاه جنازة الغريق سالم ويقوموا بواجب العزاء.. قابلوه بأسئلتهم الحائرة: نحضر جنازته واحنا اللي قاتلينه؟ ثم ليه اصلا منقتلوش هو وعيلته كلها، ونقطع سلسالهم من جذوره؟.. ابتسم عتريس ولامهم على غباءهم، وجاوبهم بحكمة المستبد الحكيم، إن سالم هو القطة اللي بتتدبح عشان تزرع في قلوب وعقول أهل البلد "شيء" من الخوف.. سالم يموت، لكن لازم أهله يعيشوا يدفعوا اتاوتهم واتاوة سالم نفسه.. عشان يفضل "الشئ" من الخوف هو اللي ملازمهم. هو كان عارف ان القتل سهل والسلاح موجود، بس الاسراف في استخدامه والقتل دون حساب، هيستنهض الوحش الكامن في نفوس الصامتين تحت وطأة "شيء" من الخوف. هينفض غبار الخوف ويصحي غريزة البقاء والمقاومة فتحصل المواجهة..اللي مهما كان سلاح رجالته حاضر، مش هيقدر يواجه غضب وثورة بلد بحالها لو انزاح من على كتف أهلها الشيء الوحيد اللي معطلهم ومخدرهم.. "الشيء" من الخوف.. وهي دي الغلطة اللي وقع فيها عتريس الحفيد.. أنه صحى المارد، وأيقظ بايده الوحش اللي كان في سُبات عميق من اليأس والضعف والخوف.. لما طاح في البلد طولها وعرضها، دم وحريق ودمار ..قتل وتعذيب وخطف.. خطف فؤادة!! قرر يخطف الأمل، يغتصب الحلم، ينتهك البراءة.. قرر يكسر نفوسهم ويدوس على كرامة اللي آمنوا بيه وصدقوه.. قرر يهزم لوحده بلد بحالها، ويسجن أيقونة الخير والماء والزرع والحياة والبسمة جوه قصره.. فؤادة لم تكن بنت من بنات بلد مخطوفة ومحتلة من عصابة اوغاد.. فؤادة كانت رمز.. فؤادة الجميلة صاحبة العيون السود الواسعة المكحلة.. اللي لو ابتسمت لك بحنية، فكأن الدنيا كلها ضحكت لك، ولو بكت، تبكي معاها الحجر، ولو ثارت ينهار من الرعب قصاد لمعة عينيها وقت الغضب أعتى المجرمين. فؤادة فتحت الهاويس.. في مشهد أقل ما يقال عنه أنه من أعظم مشاهد السينما في تاريخها.. عتريس قفل الهاويس على القرية.. قفل الماء والحياة والأمل.. أعلن الحرب على ناس، الخوف اجهدهم وأضعف قواهم.. لدرجة إن الهاويس موجود ومفيش رجل واحد من رجالة عتريس جنبه، والأمر لا يحتاج غير إن حد يقوم من رقدته يفتحه.. الأرض جفت وشققت، والناس خوفهم معيشهم في حالة حداد.. نساء متشحات بالسواد، ورجال يفترشون الأرض في قنوط وضعف وشيء" من الخوف.. كأنهم موتى ينقصهم فقط مراسم الدفن.. وفجأة تظهر فؤادة.. العنصر الوحيد اللي بيتحرك وسط صمت القبور.. بخطوات ثابتة محددة الهدف.. الهدف كان الهاويس.. الأمر يتضح أنه أبسط مما يظنه الجميع.. حنفية الهاويس على مرأى من الكل..دون متاريس أو مفاتيح أو حراسة مشددة.. تنتظر أن ينهض أحد العطشى والجوعى والمخلصين..وفقط يفتح الهاويس.. فكانت فؤادة. فؤادة البريئة المنهكة المجروحة بنفس جرح أهلها فتحت الهاويس، فظهرت الضعيفة المسالمة كبطل اغريقي، وحش عملاق مع كل لفة من العجلة يستثيره مشهد هيستريا الفرح العشوائية، ورقص وغناء الجموع اللي تبدل حالهم في لحظات، فتزداد قوة إدارتها للعجلة أكثر وأكثر لتروي أرض عطشانة للماء والأمل.. والحرية.. فؤادة حررت الهاويس وحررت معها أهل البلد.. حررتهم من الخوف.. وأظهرت عتريس المتجبر القاسي القوي وكأنه قزم.. اكسير الحياة بالنسبة له، واللي خلاه قادر يدوس على الناس ويقمعهم كل السنين دي.. فقط انه كان زارع جواهم "شيء" من الخوف. فؤادة حطت عتريس قدام مرايته وعرفته حجمه الحقيقي، فكان لازم يفرفر في النزع الأخير.. كان لازم يرضي غرور مجرم حس إن نهاية قوته ونفوذه وسطوته بتقرب.. عتريس يخطف فؤادة والاسم أنه يتجوزها.. زيه زي أي مستبد.. يخطف بس الشكل قانوني.. يغتصب لكن الشكل شرعي.. ينتهك أعراض لكن الشكل أنه حاكم بيحمي ويدير ويحكم.. عتريس ينفرد بفؤادة في قصره الحصين، أو اللي ظن أنه حصين وممكن أسواره تحميه.. تحت زعم القوة والسيطرة.. لكنه يهوى ويظهر جبان وضعيف، قدام عناد وقوة إنسانة لا تحمل سلاح ولا قوة جسدية.. لكنها تملك سلاح لا يقوى عليه اي ظالم ومستبد.. تملك الإيمان، المبدأ، الحق.. عتريس ينظر من نافذة قصره المهيب، فيجد أهل القرية كلهم بالمشاعل. قادمون إليه لتحرير فؤادة اللي حررتهم سابقا.. جاءوا بمشاعلهم يصرخون "باطل" وقد ألقوا وراءهم اللي خنقهم وقيدهم سنين.. ألقوا خلفهم "شيء" من الخوف. ينهار عتريس صارخا في رجاله احرقوهم.. فيجيبوه: البلد كلها جايالك.. فيزداد صراخه: أحرقوا البلد كلها.. فيكتشف الحقيقة اللي دايما بيكتشفها كل ديكتاتور متأخراً.. إن السلاح وحده لا يكفي.. لا بيحقق عدل ولا بيزرع محبة في النفوس، ولا بيحمي ظالم من غضب الغاضبين لحظة انفجارهم.. عتريس يتحبس جوه قصره، واللي يقفل عليه من بره رجالته نفسهم.. اللي مكانتش لمتهم حواليه دليل حب او ولاء، وإنما قرب من النفوذ والسلطة، اللي لو سقطت سقط معاها أي اخلاص أو انتماء. فقد حانت لحظة الفرار والقفز من المركب والبحث عن سيد جديد.. يموت عتريس محترقا داخل قصره اللي كان يظنه منيع، وتخرج فؤادة دون خدش واحد، بعد أن أدت دورها وقامت بالنيابة عن أهل البلد بكسر حاجز الخوف.. وفتح الهاويس.. وكم من مظلومين ومحبطين في الأرض عايشين وسط "شيء" من الخوف، ينقصهم فقط أن لا ينتظروا فؤادة.. ويقوموا بنفسهم ويفتحوا الهاويس