روز غطاس تكتب: قطرة ماء وحبة خردل
استخدم الكتاب المقدس الكثير من التعبيرات التي تشير الي اشياء صغيرة جدا لا نعيرها اي اهتمام ولكنها في افعالها عميقة مدمرة واضحة للجميع. كما قال الرب الاله لشعبه: لا تخف يا دودة يعقوب يا شرذمة اسرائيل انا اعينك يقول الرب القدوس فادي اسرائيل( اشعياء 41 : 14 ).هنا استخدم كلمة دودة وهي كائن حي صغير حقير لا شكل له ولا منظر يمكنك هرسه بإصبع واحد، وهو ليس له فائدة سوي – كما يراه البعض- فساد وتدمير ويراه البعض الاخر معين للنبات والبيئة. فلولا الدودة لبقيت جثث الكائنات الحية الميتة متواجدة علي وجه الارض ، ولولا الدودة لما نتج غاز النيتروجين الذي يعين النبات علي النمو. نعود لأشعياء الذي استخدم في نفس الآية كلمة شرذمة وهي طافية مشتعلة من النار تتطاير بفعل الهواء ولكنها متي سكنت علي شيء فإنها تصير مشتعلة سرعان ما تلتهمه.
وهنا يحضرني مشهد قطرة ماء بهدوء تتساقط متتابعة في زمن متوافق علي صخرة صوان الذي بعد اسابيع قليلة يلين وينقسم ويتساقط، فهذه القطرة الدؤوب البسيطة تحفر حفرة صغير تفلق الحجر ويسقط الي المنحدر مهما كان حجمه او وزنه فهو يستسلم الي هذه الفعلة المتتابعة من قطرة الماء. كما قد ذكر الرب يسوع المسيح له كل المجد حبة الخردل التي هي اصغر البذور متي زرعت ونمت تصير شجرة ضخمة عملاقة تأوي طيور السماء وحيوانات البرية محتمية في ظلها واغصانها. كذلك يحذرنا الكتاب المقدس من الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم التي كثير ما فسرها الوعاظ علي انها الخطية مهما كان حجمها فإنها تفسد حياتك وتدمر داخلك. ماذا اريد قوله وتوضيحه هنا؟ عزيزي لا تستهن بالشيء الصغير مهما كان صغر حجمه فبمرور الوقت له أثاره.
كما نقول نحن المصريين : القرش الابيض ينفع في اليوم الاسود؛ وقرش علي قرش يعمل ثروة. نعم القرش في ذاته لا قيمة له فهو عمله منقرضة صغيرة حقيرة لا يمكنك شراء اي شيء بها، ولكن عشرة قروش تصنع قيمة شرائية معروفة ، فما بالك كلما زادت الاصفار جوار الواحد حصلت علي عشرات بل مئات بل ملايين الجنيهات متجمعة جميعا من قرش واحد صغير لا وجود له ولا قوة شرائية تصحبه بمفرده.
عزيزي لا تستهن بما لديك حتي لو كان صغيرا جدا، فالرب يسوع المسيح له كل المجد امتدح المراءة ذات الفلسين لأنها اعطت كل ما تمتلكه واثقة في الرب الذي وعد قائلا: لا اهملك ولا أتركك، كونوا مكتفين بما عندكم انتم افضل من عصافير كثير، انتم افضل من زنابق الحقل( لاحظ الرب يسوع استخدم تعبيري عصافير وزنابق شئين صغيرين لا قيمة لهما)؛ كما استخدم في مرة اخري تعبيري الباب الضيق الصغير الذي يؤدي الي الحياة الابدية ومن صغره قليلون يجدونه؛ وباب ثقب الابرة الذي لا يسمح الا لشخص او دابة واحدة تدخل من خلاله للمدينة بدون اي احمال وهو يشير الي باب النجاة والامان والحماية.
عزيزي اذا احسست في ذاتك بصغر النفس او انك كمثل الدودة او الشرذمة او حبة الخردل او قطرة الماء او الباب الضيق او باب ثقب الابرة وشعرت في ذاتك انك حقير ولا شيء ولا قيمة لك اعلم انه بالتصاقك بالرب يسوع المسيح انت عظيم وقادر علي تغيير الاحوال وتهتف مع المرنم ليقل الضعيف بطل انا بالرب والفقير لي الغني والحقير لي الكرامة والعزة بإلهي الذي يرفع راسي ويمشيني علي مرتفعاتي فاهتف: من سيفصلني عن محبة المسيح اشدة ام جوع ام خطر ام سيف ليعظم انتصاري بالذي احبني وعرفني قدر ذاتي في الرب الاله.