جورج موسى يكتب: حول الحوار الوطني وطنطاوي والسيسي... وهل يكفي انتقاد السيسي لقيادة مصر؟!
منذ حداثتي وأنا أسمع تعبير الخروج من عنق الزجاجة! ولكن للحق أن مصر لم تمر في تاريخها الحديث أو قل على الأقل الجزء الذي عشته من هذا التاريخ بل والذي قرأت عنه بعنق زجاجة أضيق من هذا العنق الذي تمر به الآن، فمصر اقتصاديا وسياسياً واجتماعيا وعلى كافة الأصعدة تعاني معاناة لم يشهدها شعبها من قبل، غلاء الأسعار يطحن عظام الشعب طحناً والتضييق في حرية التعبير وتكميم الأفواه يزيد الطحن طحناً.
فأصبح المصري يكتوي بالنار ولزم عليه الصمت وإلا فالعصا غليظة وبطش السلطة لا يرحم! ثم وسط هذا كله نجد جلسات الحوار الوطني فيفتتح وزير خارجية مصر الأسبق ورئيس جامعة الدول العربية الأسبق والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية السيد المحترم الذي يجله أغلب الشعب المصري لتاريخه وحنكته السياسية السيد عمرو موسي يتحدث بشيء من الجرأة ويشير على استحياء لملفات كان كل من يقترب منها يسكن معتقلات النظام لسنوات وسنوات!
فقد تحدث السيد عمرو موسي عن الأزمة الاقتصادية وعن معتقلي الرأي وعن مدة الحبس الاحتياطي فاستبشرنا خيراً أن النظام سمح بالحديث بشيء من الحرية عن المسكوت عنه ولكن سرعان ما تبدد هذا الأمل حين تحدثت السيدة جميلة أسماعيل بشيء من الحرية في تلك الملفات، فكان رد النظام في سويعات قليلة بتشميع شقتها، فعلمنا أن النظام لا يتغير وسبحان من له الدوام!
والآن وقد عاني هذا الشعب الذي لم يجد من يحنو عليه أو وجد ويا ليته لم يجده، أقول عاني هذا الشعب كل هذه المعاناة تنتظر مصر في العام القادم انتخابات رئاسية ولا أعلم إلى الآن هل هذا الاستحقاق الانتخابي سيتم أم لا بداعي أن البلاد لا تتحمل موازنة الانتخابات في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة مع الأخذ في الاعتبار أن إجمالي أقساط الديون وفوائدها في العالم القادم تزيد عن استحقاقات العام الحالي بنحو عشرة مليارات دولار يقل قليلاً أو يزيد وهذا يعني أن اقتصاد مصر سيعاني أكثر في العام القادم!
فهل ستتم الانتخابات أم لا هذا ما لا أعلمه يا عزيزي! غير أنه في ظل الدعوات لوجود منافس مدني للرئيس السيسي ظهر السيد أحمد طنطاوي عضو مجلس الشعب السابق والمعروف عنه انتقاده الحاد للنظام المصري ورئيسه ولا يخفي على أحد أن الرجل دفع الثمن باهظاً لهذا فقد تم إسقاطه عن عمد في الانتخابات البرلمانية السابقة وقد كان هو الفائز - على حد قوله- ولا أستبعد ذلك على النظام المصري كما أنه تم اعتقال بعض من أصدقائه وأقاربه منهم عمه وخاله فور إعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية!
ولكن يبقي السؤال هل تكفي شجاعة انتقاد السيسي للترشح لهذا المنصب الرفيع؟! وما هي خبرات السيد طنطاوي؟! وما هو برنامجه؟! وما هي فرص نجاحه في ظل الظروف الراهنة بمعنى آخر ما هي إمكانية صموده في ظل هذا التضييق والبطش الغير مسبوق؟! وهل سيلقي نفس مصير كل من حاول الترشح في السابق كسامي عنان والفريق شفيق والعقيد قنصوة وهل سيجرأ أحد للمساعدة في حملته الانتخابية بعد ما حدث لمن ساعد المرشحين السابقين؟! وهل معني أنه قال إن نائبه سيكون شخصية عسكرية أن المؤسسة العسكرية سترحب به رئيساً مدنياً له نائب عسكري؟!
كلها أسئلة لا يعلم أحد أجابتها ولكن الأيام القادمة ربما ستحمل الإجابات! أما عن الرئيس السيسي فأود أن أقول له: سيدي الرئيس هذه سنوات حكمك فأنظر حولك كيف استلمت مصر وما هو موقفها الآن، ديون مصر الداخلية والخارجية تضاعفت، معدلات الفقر في تصاعد مستمر، اختفت الطبقة المتوسطة وتلاشت تماماً، المصريون يعانون من أجل لقمة العيش، حرية التعبير في الحضيض، المؤسسات الدولية تصنف مصر كواحدة من أسوأ البلاد في حرية التعبير والقمع والبطش، المؤسسات الاقتصادية الدولية تصنف مصر تصنيفاً متدنياً وتصنف الاقتصاد المصري أنه في مرحلة الخطر، رجال الأعمال المصريون يهربون خارج البلاد للاستثمار في بلاد أخرى، التضخم وصل لمعدل قياسي، سعر العملة هبط إلى أدنى مستوى له ومرشح للهبوط أكثر، فوائد الديون تتزايد وتتراكم على الأجيال القادمة، أصبحنا نطلب المساعدة والمعونات من الدول العربية والغربية ومن كل حدب وصوب.
مركز مصر الإقليمي والقاري تراجع إلى حد أن جزء معلوم من الشعب المصري أصبح يرى مصر تابعة للسعودية وللإمارات، الشارع يغلي ويئن وكل هذا حدث في مدتين رئاسيتين لك فبأي منطق ترشح نفسك لمدة ثالثة لا تستحقها دستورياً وحتى لو كنت قد قمت بتعديلات دستورية لتعطي لنفسك الحق الدستوري في الترشح فأنت يقيناً لا تستحقها منطقياً! بأي منطق تريد أن تكون رئيساً لمدة رئاسة ثالثة؟! لو كان لديك ما تعلمه ونحن لا نعلمه في أن الحال سيتحسن في فترتك الرئاسية فعليك أن تعلن لنا هذا ولا أظن أن أحداً سيصدقك لأنك وعدت قبل ذلك ولم تفي بالوعود؟! سيادة الرئيس أعيد عليك ما قاله لك الإعلامي الراحل الأستاذ مفيد فوزي: سيادة الرئيس لا تراهن على صبر المصريين كثيراً!
هذه كلمتي لبلدي ولرئيس بلدي ويعلم الله أني أخشى عليها من قدر أراه قريباً وإن كنت لا أتمنى حدوثه فلو غضب هذا الشعب الصابر ربما ستدخل البلاد في آتون لا يعلم مداه إلا الله.