أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

مينا ماهر يكتب: دردشة بالعربي الفصيح...رواية ”إلى متى تجوع الضباع؟” الحلقة الأخيرة

مقدمة: بدأت في كتابة هذه الرواية في مايو ٢٠١١ وانتهيت منها في نوڤمبر ٢٠١١! تدور أحداث الرواية في أول ستة أيام من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، لذلك يجب أن تقرأ في السياق الزمني والسياسي المناسب لهذه الفترة! في الحلقة السابقة: تعرفنا على تاريخ نشوء الجماعات الإسلامية، وظاهرة التدين الزائف في مجتمع يتعامل بالباطل يومياً دون شعور. وشاهدنا وقوع علي الدسوقي في شر أعماله عندما انفلت بلسانه سهواً بمعلومة عن اختطاف إنچي خطيبة چو، ولم يكن قد أخبره چو عنها، مما أثار تساؤلات چو حوله! أما داخل المتحف فقد قام عبد القادر زعيم الجماعة بتجنيد كل اللصوص، أما شريف جلال فقد ظل ثابتاً على موقفه الجسور، فكاد اللصوص ينهالون عليه ضرباً لولا تدخل القوات المسلحة التي اقتحمت المتحف عليهم فجأة وأحاطت بهم!

حلقة ١٩ والأخيرة:

"القوات المسلحة"

قامت أعداد من الناس، في مساء يوم الجمعة الموافق ٢٨ يناير ٢٠١١، تناشد القوات المسلحة بالتدخل لحماية المتحف المصري من السرقة؛ منھم من لجأ إلى الإعلام، وبعضهم رفعوا اللائحات واللافتات، واخرون لجأوا راساً إلى القوات المتواجدة في الميدان؛ ولكن بسبب عجز في عدد رجال الجيش، لم تتوفر الحماية المطلوبة إلا في صباح اليوم التالي! ورغم ھذا كن المعتصمون احتراماً خاصاً لقوات الجيش، التي لم تتعامل معھم بنفس قساوة قوات الأمن المركزي؛ فاطمأن الناس حين رأوا كتائب اضافية مرسلة خصيصاً لإنقاذ المتحف المغتصب نهار يوم ٢٩ يناير ٢٠١١، وكأن بصيص النور المنتظر يشرق من جديد على الحضارة المُئنة. فالجيش يا حضرات ھو ذكرى انتصار ١٩٧٣، ونجاح "ثورة" ١٩٥٢ وأمل مصر أيضاً في المستقبل القريب. فھؤلاء البواسل، في نظر الأغلبية، من سوف يبترون من البلاد الأطراف الفاسدة كما عودونا في الماضي؛ فھلموا يا أحفاد الأحرار، استعيدوا الأمان المطلوب إلى الدولة وارعوها!  

"يا خسارة يا مصر!"

 لم يستطع على الإنكار كثيراً بعد أسئلة چو الملحة والمتشككة على حادثة اختطاف ٕانچي؛ فاعترف له اخيراً بكل شيء! عندها، تجهم وجه چو وظل يضرب رأسه بشدة بكفيه الاثنين وكأنه يريد الاستيقاظ من كابوس مزعج؛ فلم يكن يتوقع أن يخونه صديق عمره بھذه السھولة… و بإسم الدين!

أما علي، فمن أجل حفظ ماء وجهه، قد بادر چو بعبارة متهكمة: - انت لو مكاني كنت عملت اكتر من كدة...تنكر ٔانكم بتنصَّروا بناتنا كل يوم... فرد عليه چو بألم: - انا مش مصدق اللي باسمعه...دا ٔانا صاحبك يا علي...صاحبك يا حمار... وتطور ھذا الحوار العقيم بينھما تدريجياً إلى شجار دمويٍ حاد بين وحشين شرسين لم تعرف الصداقة بينھما سبيلاً، وصار جميع من في الميدان حولهما ينظرون نحوھما بقلق، فركض شخص من العامة ليستنجد باحد جنود الجيش الذين كانوا على مقربة من الشجار! فقال الجندي: - اعملھم ايه يعني؟! - اتصرف يا دفعة...دول هيموتوا بعض... فانصرف عنه الجندي متجھاً نحو مدرعته على بعد امتار منه، فادار محركھا، و استدار بھا و ابتعد عن مكان الشجار مسافة ٢٠٠ متر تقريباً، ثم استدار و انطلق بسرعة متزايدة تجاههما بقصد فض اشتباكهما؛ وما ان اقتربت المدرعة منھما حتى تيقن لها علي فدفع بصديقه چو امامھا لاشعورياً كي يهرب من قبضته و ينجو بروحه! فسحل چو سحلاً تحت المدرعة مما أثار ذعر الموجودين. أما علي فركض كالمجنون بعيدا عن الحادث دون أن ينظر خلفه متعمداً تجاھل المنظر، و ظل يركض هكذا بشكل هيستيري متواصل إلى أن اختفى تماماً عن الأنظار و لم يسمع عنه شيئا أبداً بعدھا.  

"المفاجأة"

 أما حول اسوار المتحف، فلم ينتبه أحد لما حدث لچو، بسبب كثافة الزحام الرھيب، ولكنھم سمعوا عويل الناس و افترضوا أنه تشجيع الجماهير  للجنود الشجعان  الذين اقتحموا المتحف المصري؛ فظل الناس محتشدين أمام باب المتحف لاستقبال الجيش حين يخرج و في حوزته اللصوص الخونة! لكن كانت المفاجٔاة أن قوات الجيش قد خرجت بالفعل ومعها لص واحد فقط…وھو شريف، وقد خارت قواه تماماً من كثرة الضرب وكان ظمٓانا يطلب أن يشرب بإلحاح: - ميا...ميا... عطشان... عطشان…أدوني ميا!!! أما الجنود فقد تجاھلوه و جروه ذليلاً نحو بازار المتحف حيث قيدوه ھناك و أكملوا تعذيبه! بالتأكيد هناك خلط ما!!! هل هذا إجراء مؤقت، و سيتم التحقيق في أمر شريف لاحقاً؟! وأين يا ترى اللصوص الحقيقيون؟ ھل ھربوا أم مازالوا داخل المتحف؟ و إن هربوا، كيف افلتوا من الجنود؟  أو ربما قاتلتھم قوات الجيش حتى لقوا مصرعهم بالداخل؟ من الواضح جداً…أن لا اثر لھم في المتحف مطلقاً! قد تلاشوا  و لا أحد يعلم أين اختفوا...لكن بكل تأكيد هم في مكان ما بيننا الآن، متوغلين في احيائنا و شوارعنا دون ان نشعر بھم. خرجوا كعادتھم خلسة، ليتخفوا وسط بقية الضباع المدسوسة بين الشعب - كما سبق وبيَّناھم في نماذج ؤاشكال مختلفة - فلا نعود بعد نميزھم! أما ھم فمتربصون بنا و بـأطفالنا؛ ونحن قد نٔامن لھم بسذاجة الاحداث للاسف، غير مدركين حقيقتهم الشرسة، المتعطشة لدم ضحاياها! و عجباً، لم يتساءل الشارع المصري بتاتا كيف أن لصاً واحداً فقط من العشرة قد أمسك، بل انشغلوا بأكبر مسؤول للآثار في البلاد - الدكتور زاھد عواد - و ھو خارج من المتحف مستقبلاً الإعلاميين بعد ساعات قليلة من اقتحام الجيش، مبتسماً ابتسامة رسمية حافظت على ھيبته وجدية الموقف وقال لكاميرات الإعلاميين: - الحمد لله، قد نجحنا في السيطرة على الموقف والمتحف المصري بخير، مجرد تخريبات بسيطة، اطمنوا يا مصريين... المتحف المصري ما تسرقش!  

"النھاية!"

 مضت شھور قليلة، عاش فيھا من عاش، ومات فيھا من مات، و فر فيھا من فر، و في نفس الموعد في المساء جلس خالد شبراوي وحيداً على طاولة في نفس المقھى الذي  اعتاد أن يقابل فيھا أصدقاءه؛ ظل صامتاً لا يكلم أحدا منخرطاً في قراءة الجريدة بعبوس، و ٕاذ بوجهه يحمر فجأة من أحد العناوين فصاح:

- يا ولاد الـ...، المتحف المصري اتسرق؟!! إزاي بعد كل اللي عملناه...؟! قد كشفت التحقيقات ان المتحف المصري قد تمت سرقته بالفعل ليلة جمعة الغضب بما يزيد عن خمسين قطعة اثرية! انتفض خالد بعجلة من مكانه من كثرة الضيق، و ألقى بثمن طلباته على الطاولة و انصرف! لم يشعر أحد قط به ولا باحتجاجه؛ فكُتم خبر سرقة المتحف بين ٔاصوات الفضائيات و ضحكات الزبائن و صياح القھوجي، وخُرس معه ٔايضاً صوت أم كلثوم الصادر من نفس المسجل القديم المھمل من داخل المقھى و ھي تغني: " ٔاكذب نفسي عنك .. فى كل ما ٔارى وأُسمع ٔاذني منك .. ما ليس تسمع فلا كبدى تبلى .. ولا لك رحمة ولا عنك ٔاقصار .. ولا فيك مطمع لقيت ٔامورا فيك .. لم ٔالق مثلھا ؤاعظم منھا فيك .. ما ٔاتوقع فلا تسٔاليني .. فى ھواكِ زيادة فٔايسره يدمي .. ؤادناه يُدمع "  

تمت في ٣ نوفمبر ٢٠١١ م