بلاد فقدت هويتها بإرادتها
الغرب بكل عباقرته وساسته وإعلامه الرهيب واقتصاده الذي لا نهاية له وأفكاره التحررية المزعومة وسياساته المزدوجة وثقافته الرفيعة اليوم بكل جلاله وهيبته يسقط ويبدأ في الاختفاء التدريجي إلى أن يتلاشى.
عندما تكونت الولايات المتحدة الأمريكية اختارت لنفسها مبادئ وقيم صاغت منها دستورها وسمى هذا العصر بعصر الآباء المؤسسين ولحقيقة الأمر كانت مبادئ الدستور الأمريكي سامية جدا ولا يعلو عليها شيء غير الحق الإلهي في الكتاب المقدس، ولنقول أن دستور أمريكا يستند في قيمه إلى الكتاب المقدس، حينها كانت أمريكا هي جنة عدن للأرض كلها والمدينة الفاضلة للفلاسفة وأوروبا الغربية بعد عصر النهضة والتحرر من قيود الكاثوليكية وظهور مارتن لوثر الإصلاحي الذى أعاد هيبة الدين ومكانته للأوروبيين (وهنا اتحدت فقط عن الغرب وليس الشرق).
وقامت نهضة حضارية صناعية اقتصادية تنويرية شاملة في كل الغرب الأوروبي مرتكزة تماما على مبادئ الكتاب المقدس ظلت هذه الدول متقدمة وداعمة للحريات وارض لحقوق الإنسان وملاذ للمضطهدين ومنارة للعالم كله بشرقه وغربه، ولكن ما حدث قد حدث، ففي منتصف القرن الماضي حينما اختل التوزيع الديموجرافى لهذه البلاد نتيجة أمور عديدة منها الحربين العالميتين، وموت خيرة شباب الغرب في المعارك وانتشار الإلحاد والقيم التي تدعو إلى انهيار المبادئ والقيم التي نشأ عليها المجتمع الغربي.
ونتيجة لذلك قل الإنجاب وقل النمو السكاني لان هذه المجتمعات صارت على خلاف ما هو طبيعي والنتيجة فتح الهجرة لشعوب كثيرة تختلف في الفكر والتطلع والإمكانيات ليست فقط الإبداعية ولكن أيضا التفاعلية مع متطلبات الحضارة الأساسية وقبول اللجوء لأعداد من البشر يكاد يفوق الإمكانيات الضرورية لتأهيل هؤلاء اللاجئين نفسيا لمجتمعهم الجديد.
وكانت فكرة الغرب نحو هؤلاء المهاجرين واللاجئين إن بإمكان المجتمعات الغربية صهرهم ودمجهم مع المجتمعات الجديدة ولكن ما حدث كان العكس تماما وهنا نرى أمثلة واضحة على ما أظنه.
ففرنسا وهي أكثر الدول التي فقدت هويتها تماما نتيجة استيعاب أعداد هائلة من المهاجرين الأفارقة سواء من شمال أفريقيا أو المستعمرات الفرنسية المختلفة الذين جاءوا بثقافتهم وأيدولوجيتهم وتوجهاتهم فبدلا من أن يتأثروا بالثقافة الفرنسية الغربية هم من اثروا في الحياة الغربية الطبيعية، وفقدت فرنسا هويتها إلى الأبد.
إيطاليا أيضا وصلت لمرحلة أن زيادة عدد المهاجرين دفع الإيطاليين أنفسهم إلى الهجرة من إيطاليا وبلجيكا، لدرجة أن مقاطعة من المقاطعات التي فازت بها طائفة دينية محددة لها أجندة واضحة للجميع تريد أن تستقل عن بلجيكا.
والكارثة الحقيقية هي ألمانيا التي سيطر عليها تماما الراديكاليين الأتراك والمهاجرين السوريين نتيجة جنون المستشارة الألمانية السابقة في قبول كل أعداد المهاجرين الغير صالحين للحياة في تلك المجتمعات.
وأمريكا حيث يحدد المهاجرين مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية وليس الأمريكيين أنفسهم، وهنا تصدق نبوءة الإرهابي سيد قطب الاخوانى عندما قال سأشنق الغرب بحبل ديمقراطيتهم وانتهت الهوية الغربية إلى الأبد، والأمل الأخير لهذه الشعوب في اليمين القومي.