أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

الإدمان (٢)

تحدثنا في العدد السابق عن الإدمان وقمنا بالتركيز على أحد أخطر أنواع الإدمان وهو إدمان الشاشات. واوضحنا خطورة هذا الإدمان بل وسمعنا سويا صوت آنين المجتمعات صارخة من هذا الإدمان... والآن نستكمل معا رحلتنا مع هذا المرض الفتاك.

في رأيي الشخصي، ما يزيد من تعقيد قضية ادمان الشاشات لدى الأفراد بعض النقاط كالتالي:

اولا: الإنسان كائن علاقاتي

فهو يبحث عن علاقة وقد خلق على صورة الله، فكما أن الله كائن علاقاتي، فالإنسان كذلك، فهو يسعي للصداقة ويسعي أن يعرف ويتعرف على الآخرين بل في بعض الأحيان يتم تقييم الصديق بعدد ما يملك من علاقات.

ثانيا: الحاجة إلى التقدير

طبقا لهرم ماسلو، فالاحتياج للتقدير احتياجا اساسيا لا غني عنه. إن رؤية تفاعل الآخرين من إعجاب مع ما يشارك به الإنسان من آراء أو تفاعلات تزيد هذا الإنسان المسكين من احساسه بالتقدير وان الكل معجب به ويقدره، بل وللآسف من الممكن ان تحول هذا الإنسان الي عبدا لإشارة اعجاب اوذليلا لشكل قلب مرسوما تحت منشوره. انه صورة واضحة لنتائج سقوط الإنسان فهو أصبح عبدا لهذا الآلة.

ثالثا: فقدان الغرض

من نتائج السقوط أيضا تغلغل الخطية وفساد الطبيعة البشرية. فالخطية في إحدى صورها هي فقدان الغرض الذي خلق من اجله الإنسان. بصورة اخري هي فقدان هدف الإنسان كونه شريكا لله وعاملا معه. فإنخراطه في هذا الإدمان بسبب إن الإنسان أصابه عمى روحي، أنساه غرضه تماما كونه شريكا لله، وأصبح متقوقعا حول ذاته، عابدا لأفكاره وقصته الإفتراضية وابطال قصته ايضا.

رابعا: الإحتياج المادي

مع المشاكل الإقتصادية التي يعاني منها العالم، استخدم البعض وسائل الإتصال الإجتماعي في الكسب المادي عن طريق المشاريع الخاصة كالبيع والشراء وغيرها. ...بذلك لا يستطيع الإنسان الإستغناء عنه.

اخيرا، اننا أمام مأساة روحية إنسانية، استطاعت أن تعطي للإنسان يوما بعد يوم مزيدا من الجرأة في ان يعتقد في ذاته انه إلها، وانه مركز هذا الكون ولكنه في واقع الأمر، أصبح هذا الإله بعينه عبدا ذليلا مغيبا متقوقعا حول نفسه حبيسا لسجنه التي صنعه بيديه.

والآن ما هو الحل؟ إن حل هذه القصة الإفتراضية هو قصة حقيقية. فالقصة المسيحية تقدم المسيح الحقيقي الملك والمالك الحقيقي ليس لعالم افتراضيا بل لعالم حقيقي يرجع فيه الإنسان الي وضعه الحقيقي كشريك وليس كملك. كذلك هذا العالم الافتراضي عالم غير مشبع، أما القصة المسيحية تقدم مسيحا ملكا مجددا للعالم الروحي والمادي في نمو لا نهائي يستمر حتى بعد حياة الإنسان فيحول المسيح هذا الجوع إلى نمو أبدى... ولكن كيف هذا؟

بقيامة المسيح من بين الأموات. وهو هنا يمثل آدم الأخير، مات الموت ومات كل ما يستطيع ان يقيد الإنسان بل واعطي له الحرية ايضا والتجديد. قد يصل البعض الي هذا الحل ويختبره ويتذوقه وقد لا يصل البعض الآخر. فمن قبل المسيح مخلصا شخصيا له ومن آمن انه يستطيع ان يقوم فيه وينتصر فيه ويسود على هذا الإدمان وبه وفيه الشبع الحقيقي الذي يدوس على أي عسل أو لذة فهنيئا له. أما من لا يريد أن يصدق ويقبل هذا فسيظل حبيسا لهذه المذلة الإنسانية.

المسيح يملك على الإنسان، فيستفيق الإنسان ويشبع بملكه ويعيش عربون تجديد المسيح له ويستعيد انسانيته المفقوده ويستعيد علاقاته السوية مع الله، مع الآخرين ومع ذاته أيضا. حتى نظرته للمادة ستتغير وسيشعر ان امواله التي يبذرها نتيجة هذا الإدمان في شراء أحدث الأجهزة، ما هي إلا أمانة عنده.

من يؤمن بالمسيح هو بمثابة ملك وكاهن فدورنا أن نحيا في المسيح ونستمتع بعربون تجديده الذي يشبعنا فيظهر هذا مع الآخرين فنكون قدوة لهم وعظة خفية عن طريق أن نحيا كل يوم هذا الحل. وأن نصلي من أجل كل مدمن وان نستخدم مواهبنا في خدمة الآخرين ونساعدهم للخلاص من هذا الإدمان في اسم المسيح... ما اروعها قصة حقيقية مع شخص حي حقيقي! ألا تستحق أن تعاش؟