حكم التاريخ لمبارك وتمنت الملايين اعادة انتخابه وهو في قبره
وكأنه كان يعلم ما سيحدث بعده، قالها في ثقة قبل الرحيل: سيحكم التاريخ بما لنا وما علينا! وتمضي السنون ونجد مبارك ووزمن مبارك في ذهن الملايين من الشعب المصري! حين تتحدث مع الكثير من المصريين الذين عاشوا حقبة مبارك تجد الغالبية العظمي تقول ولا يوم من أيامك يا مبارك! يقينا مبارك لم يكن ملاكاً ولكنه أيضاً لك يكن أبداً الشيطان الذي أراد البعض عن عمد تصويره للمصريين في نهاية حقبته!
في السطور التالية ستقرأ عزيزي القارئ شهادة شاباً من هؤلاء البسطاء الذي عاشوا حقبة مبارك كاملة، شاباً لو شاء القدر له أن يولد في حقبة ما بعد مبارك لكانت تغيرت حياته وربما انقلبت رأساً علي عقب ويقيناً لم يكن ليجد فرصة ليتعلم ويدخل الجامعة ويعمل ويتزوج ويكون أسرة، نعم تعلمت بالمجان ودخلت الجامعة بالمجان وتخرجت لأجد فرصة عمل، فهل تستطيع أن تقول أن في حقبة ما بعد مبارك أن طفلاً يتيماً توفى والده وهو في أولي سنوات تعليمه الإعدادي وترك بعده معاشاً هو جنيهات قليلة يستطيع أن يحلم الآن أن يتعلم ويدخل الجامعة ويتخرج من كلية من كليات القمة ويجد فرصة عمل مناسبة ؟! لا أظن ذلك!
ومعظم الذين قابلتهم في حياتي ويتحدثون عن مستوى التعليم المتدني وعن تدني الثقافة في عهد مبارك لم يقرأوا كتاباً واحدا من الذي قدمه مبارك بالقروش القليلة! نعم قدم مبارك وزوجته السيدة سوزان مبارك ووزير ثقافته السيد فاروق حسني الكتاب بقروش قليلة! كنت أقرأ أمهات الكتب ببضع جنيهات، في عهد مبارك ووزير ثقافته وعلى مدار سنوات قدم البيت الفني للمسرح أعظم المسرحيات على مسارح الدولة ببضع جنيهات قليلة وكانت المسارح خاوية ورأيتها بأم عيني خاوية، نعم يا عزيزي في أواخر عهد مبارك كنت تستطيع أن تدخل المسرح بخمسة جنيهات فقط أو أقل وقد كان هذه الثمن أقل من شرب الشاي والمعسل علي المقهى وكان الكثيرون ممن أتهموا مبارك بتدمير الثقافة يفضلون الجلوس على المقاهي عن حضور مسرحية لشكسبير في البيت الفني للمسرح بثمن أقل من كوب الشاي علي المقهى! في عهد مبارك كان الفن المصري هو السيد في المنطقة، كانوا نجوم مصر هم نجوم الغناء والتمثيل في المنطقة، كانت الأوبرا المصرية هي قبلة محبي فن الأوبرا في المنطقة!
في عهد مبارك كانت مصر غير مصر التي نراها الآن، كانت دولة لها وزن ولا يستطيع أحد الجور عليها، في عهد مبارك كانت كل كلمة تخرج من فمه لها حساب ولها وزن ولها ثقل ولها مردود ولها سامعين، أعترف بأنني مدين لهذا العهد بالكثير، تعلمت فيه بالمجان وقرأت بالمجان وذهبت للمسارح والسينمات وقصور الثقافة بالقروش القليلة والقليلة جداً!
نعم لم يكن عهداً ذهبياً ولا فضياً ولا يمكن مقارنته بأي دولة متقدمة ولكن مبارك قدم كل متاح لي كطفلاً يتيماً فقيراً عاش في عصره وأمتلك الحلم لأن يكون شيئاً وأردا له الله أن يكون! قالوا عنه ديكتاتور ويقيناً ما رأيناه بعده غير مفهوم الديكتاتورية عندنا ففي عهد مبارك كان هناك هامش من الحرية ذهب معه يوم تنحي وأحسب هذا الهامش لن يعود مجدداً! في عهد مبارك كنت تستطيع أن التعبير عن رأيك في حدود المتاح، في عهد مبارك سخر محمد صبحي من مبارك ولم يحدث له شيئاً وسخر عادل أمام من مبارك في مسرحية الزعيم ولم يحدث له شيء وقدم هاني رمزي سلسلة أفلام سياسية تطعن في قدس أقداس النظام وهو رئيس الجمهورية ولم يحدث له شيء فهل يستطيع الآن كائناً من كان أن يفتح فمه في حق الرئيس الحالي ويرى النور مجدداً؟! أعترف بأن مبارك لم يكن حاكماً ديمقراطياً عادلاً ولكنه يقيناً أكثر ديمقراطية وعدلاً وحكمة ورفق من كل اللذين خلفوه في منصبه.
وتبقي كلمة وبينما تجري الآن انتخابات رئاسية لا يعلم عنها البعض ولا يهتم بها البعض الآخر ولا يتحمس لها الأغلب الأعم من الفرقتين، أجد نفسي أتمنى أن يظهر أسم مبارك في بطاقة الاقتراع، ويقيناً سيفوز مبارك وباكتساح حتى وهو في قبره! ليس لأنه حاكماً جيداً ولكن بمقارنته بمن خلفه فهو ليس فقط حاكماً جيداً ولكنه جيد و جيد و جيد جداً!