أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

مُجتمعاتنا والرياء الديني

وُجدَت الشرائع الدينية على الأرض لخدمة البشر، فأحكامها تُنظّم حدود العلاقات والتعامُلات بينهم، وإرشاداتها الروحيَّة تجعل من حِبال الضوء المُمتدة بين قلوبهم وبين الإله عونًا لنفوسهم على الشدائِد ووقاية لهم من التدحرُج في هاوية الانتحار بسبب اليأس من جدوى الحياة، لكن المُحتالين الذين يُمكنهم استغلال أي فكرةٍ أو مبدأ أو مُعتقد لصالح مآربهم الخبيثة وجدوا في الدينِ – منذ أقدم العصور- فُرصة ثمينة للعبث بعقول الجُهَلاء والهيمنة على نفوس العاجزين من العاجزين عن التفكير والتحليل، وبهذا يفقد الدين طابعهُ الروحاني القائم على الإيمان بدوام وجود القوَّة العُليا وتأثيرها المُستمر على حياة الإنسان، وينحصر في طقوس تؤدَّى بأليَّة مُجرَّدة من الصدق الحقيقي المُتجذر في الذات، لذا نرى كثير ممن يظهرون بمظهر المتدينين المُصلين الصائمين يعتدون على الآخرين وينهبون حقوق الناس.

إن كثير من البشر الذين ورثوا الدين عن طريق ولادتهم في المُجتمعات الدينية كما يرثون ملامح آبائهم وأسماء عائلاتهم يتوهمون أنهم مُلتزمون دينيًا، وينصبون أنفُسهم حُرَّاسًا للفضيلة الدينيَّة، يجن جنونهم إذا سمعوا خبرًا يرون فيه مساسًا بدينهم، ولا حد لهياجهم إن مسَّ مخلوقٌ طقسًا من طقوس قُدسيَّة هذا الدين في الظاهِر، بينما إن كُشفَ الستار عن حقيقة حياتهم يظهر فيها استهتارًا واضحًا بتعاليم كُل أديان السماء!

إنهم يتوارثون الدين كما يتوارثون العادات والتقاليد التي رأوا عليهم آباءهم وأجدادهم، أي أنهم لو وُلدوا في تلك البيئات التي يعتبرونها كافرة لأصبحوا كافرين، يرى المؤمن الحقيقي دورانهم المحموم في فلِك التظاهُر بالانتماء الديني طوال ساعات الليل والنهار وكأنهم يُحاولون إثبات هذا الانتماء خوفًا من تبعات ظن الآخرين أنهم خرجوا من تلك الدائرة، أو طلبًا لبعض المكاسب المُجتمعية النابعة عن ثقة الناس بهم باعتبارهم "يعرفون ربَّهم ويخشونه"، ومن ثم لن يفعلوا بهم ما لا يُرضيه فيثير سخطه ويستمطر عذابه!

إن من بين هؤلاء من لا تنفلت المسبحة من بين أصابعهم ويأكلون أموال اليتامى، ومن لا يُفوّتون الإنصات لمجلس وعظٍ ديني بينما يعتدون على نسائهم بالضرب والتعنيف والأذى، ومن يُغرقون مجموعات واتس آب بالأدعية والأذكار والنصوص المُقدَّسة طوال النهار وشطرًا من الليل ثم لا يُرجعون مالاً اقترضوه، ولا يعتقون أُنثى من تحرُّشهم، ولا يفكّون قريبًا أو بعيدًا من سموم ألسنتهم، إنهم كاذبون مُنافقون أفَّاقون يُظهرون ما لا يُبطنون، عدا عن فئة من الأكثريَّة تعيش أوهام الالتزام الديني بينما كل ما تفعلهُ لا يعدو عن كونه تقليدًا لمحيطها الخارجي، وفئةٌ أُخرى تحاول استدرار التعاطُف والبحث لكيانها عن قيمة عن طريق الاختلاط المُستمر بهؤلاء وتمثيل دور حُماة الشريعة لأنهم لن يجدوا لكيانهم قيمة بعيدًا عن دائرة الأكثرية تلك، فلا هم اذكياء ولا مُجتهدون ولا يمتازون بأي مواهب استثنائيَّة خاصة تجعلهم يحظون بأدنى التفات أو احترامٍ مُجتمعي يخصهم، بينما الإغراق في التظاهر بعشق الدين والغرق في تفاصي أحكامه يُسبغ عليهم غلالة من التقدير والمهابة.

مظاهر الرياء الديني المكشوفة عند بعض البشر مُثيرة للشفقة أحيانًا وللسخرية الخفيَّة في أحيانٍ أُخرى، فالمُرائي يتصوَّر أنه يخدع الآخرين، بينما معدنه الرخيص عارٍ أمام أولي الألباب من المؤمنين الصادقين.