أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

السيسي... والشدة المستنصرية

ماريانا يوسف
ماريانا يوسف

الشدة المستنصرية هو مصطلح يطلق على مجاعة حدثت بمصر نتيجة غياب مياه النيل بمصر لسبع سنين متواصلة عرفت بسنوات العجاف في نهاية عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله في مستهل النصف الثاني من القرن الخامس الهجري من تاريخ الدولة الفاطمية في مصر 1036 - 1094.

روى المؤرخون حوادث قاسية، فلقد تصحرت الأرض وهلك الحرث والنسل وخطف الخبز من على رؤس الخبازين وأكل الناس القطط والكلاب حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب للتحقيق في حادثة أكلوها وجاع الخليفة نفسه حتى أنه باع ما على مقابر أبائه من رخام وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه وخرجت النساء جياع صوب بغداد.

وذكر ابن إلياس في كتاباته أن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب؛ لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها.

كما جاء بكتاب "اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء" تأييدا لما سبق حيث ظهر الغلاء بمصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفساد وأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط وبلغت رواية الماء دينارا وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين دينارا اشترى بها دون تليس دقيق.

وعمّ مع الغلاء وباء شديد وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيد فانقطعت الطرقات براً وبحراً إلا بالخفارة الكبيرة مع ركوب الغرر وبيع رغيف من الخبز زنته رطل في زقاق القناديل كما تباع التحف والطرق في النداء: خراج! خراج! فبلغ أربعة عشر درهما وبيع أردب قمح بثمانين ديناراً. ثم عدم ذلك كله، وأكلت الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير."

والآن في مصر لم يختلف الوضع كثيرا، فيواجه السيسي شدة مستنصرية، صنعها التجار الجشعين واحتكروا أصناف الأكل المختلفة، وصنعها أيضا تخاذل الحكومة عن ضبط الأسعار والانتباه لها بالتوازي مع اهتمامها بالمشروعات.

حتى أن وزير التموين اجتمع عليه معظم نواب مجلس الشعب بطلبات إحاطة ووصل الأمر أن طالبوه بالاستقالة، ولكن "ودن من طيب وودن من عجين" وكان من المفترض أن تصغى الحكومة إلى راي الشعب متمثلا في نوابه وتقوم بإقالة ذلك الوزير "الفاشل" الذى خرب تلك الوزارة العريقة، والتي اكتشف فيها أن مستشارو ومساعدو الوزير قد قبض عليهم في قضايا رشاوى " أي أن حاميها حراميها"، وهو إن كان يريد الحفاظ على القليل من ماء الوجه لكان قدم استقالته بيده بعد طلبات الإحاطة تلك، و لكن الحكومة لا تعمل مع الشعب ولا تعمل لدى الشعب، الحكومة بقيادة مدبولي ترى نفسها فوق الشعب.

والدارج على مر الزمان أن الاحتكار يتم على البروتينات الحية من لحوم ودواجن واسماك ولا يقتربون من اكل الفقير، فيجد الفقير ما يسد به رمقه وجوعه، يأكل وجبتين بدل ثلاثة يتنازل عن الرفاهيات وهكذا.

ولكن ما حدث الآن أن الاحتكار والجشع والغلاء وصل إلى ابسط الأكلات، فلم يعد هناك طعام فقير، فقد ارتفع سعر الفول والعدس والبقوليات كافة وحتى الزيت والسكر والدقيق. حتى من يتعفف في طعامه ليأكل "دقة بعيش" فقد ارتفع سعر الكمون.

وكلما ارتفعت الأسعار حاولت الدولة امتصاص غضب الشعب بارتفاع رواتب الموظفين وهو شيء جيد تشكر عليه الحكومة ولكنه ليس حلا، فليس كل المواطنين موظفين وليس كلهم على المعاش، هناك فئة تقتات قوتها يوم بيوم "على باب الله" بالمفهوم الدارج، فالحل يكمن في مراقبة الأسعار، وتقديم التجار المحتكرين سواء للسلع أو الدولار والعملة الصعبة للمحاكمة العاجلة. فقد أثرت ارتفاع الأسعار على كل مناحي الحياة حتى الدواء، فزادت للغاية أسعار الدواء وكذلك كثرت نواقصها، وأصبحت الصيدلية التي لديها دواء ناقص في السوق تسعره بسعر مختلف وغالى وفق قاعدة العرض والطلب.