معركة التنوير والظلامية في معرض الكتاب
كراتين مجلدات فتاوي ابن تيميه يحملها ملتحون بجلاليب قصيرة يوم الجمعة الماضي، مشهد صدمني وجعلني أتساءل هل التنوير سيكسب معركته في مصر؟ الكراتين يحملها مصريون وآسيويون أعتقد أنهم من إندونيسيا وآخرون ملامحهم من جمهوريات الاتحاد السوفيتي القديم الإسلامية.
هذه الكتب ومعها كتب عذاب القبر والثعبان الأقرع وأكثر أهل النار من النساء والأرض مسطحة والحجاب قبل الحساب …الخ، أسعارها رخيصة جداً وفخمة التجليد والورق ومذهبة والغلاف هارد كڤر!!! والنسخة ما بين عشرة وعشرين جنيه، بينما كتب التنوير في نفس الجناح من دور النشر اللبنانية والعراقية والمغربية بمئات الجنيهات ولا يستطيع أي شاب أن يتكلف عناء شراء ربع نسخة!!
بعدها شاهدت أمام صالة ٣ طابور رهيب وزحمة خانقة لم أر مثلهما في حياتي، الطابور بطول المعرض، ومعظمه بنات تحت العشرين، تملكني الفضول، ما هو الدافع الذي يجبر كل هؤلاء البنات والشباب على الوقوف كل هذا الوقت في البرد القارس؟ أمعنت النظر فإذا بشاب يلبس العقال السعودي اسمه "أسامه مسلم" يكتب روايات رعب، وهو معبود البنات في هذا السن، لو بعث نجيب محفوظ من قبره لما وقف أمامه ربع هذا الطابور!!!
بنات هذا السن لديهن مشكلة نضج واحتواء وكبت وأمية ثقافية، والشباب كذلك، والكارثة أنك لو بحثت عن كتب د. زكي نجيب محمود لن تجدها، وكتب فرج فوده وسيد القمني ونصر أبو زيد، ستجدهم بشق الأنفس، معروضين وكأنهم عورة، على رفوف مستترة وفي أدراج مختفية، ماذا يحدث؟ هل هي غفلة؟ أم عن قصد؟ التنوير في مصر يركب السلحفاة، والظلامية تركب الصاروخ.