أمن الممرات المائية بالبحر الأحمر... الصراع الأمريكي الإيراني على الحوثيين
ينفذ الجيش الأمريكي، ضربات من وقت لآخر، بالتحالف مع قوي غربية أخري من ضمنها بريطانيا، ضد الحوثيين في اليمن، بعد استهداف ما يقرب من 30 موقعا في اليمن. وهذه الضربات تعد شكلا من أشكال الصراع الأمريكي الإيراني في المنطقة، خاصة وأن الحوثيين في اليمن يعدون من أقرب الحلفاء لطهران، فضلا عن تزويد إيران لهم بكل ما يحتاج له من معدات وآلات عسكرية ودعم لوجسيتي واستيراتيجي للسيطرة علي اليمن والممرات المائية في باب المندب والبحر الأحمر، والذي يمثل عنق الزجاجة مع مضيق هرمز في حركة التجارة العالمية تجاه المحيط الهندي وخاصة تجارة الطاقة، عصب الاقتصاد الدولي، وهو ما يمثل قلقا بالغا للقوي الفاعلة في النظام الدولي السياسي والاقتصادي.
هنا نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أمريكي قوله إن الضربات الجديدة في اليمن استهدفت منشأة رادار يستخدمها الحوثيون ومواقع عسكرية أخري. والغارات الأمريكية أحيانا تكون واسعة وأحيانا أخري أقل نطاقا من سابقتها تنفذها واشنطن بشكل منفرد. وقال مسؤولون أمريكيون لوكالة أسوشيتد برس إن المواقع التي تستهدفها الضربات الأمريكية الجديدة في اليمن تشكل تهديدا للأمن في المنطقة. في حين نقلت شبكة إن بي سي عن مسؤولين أمريكيين أن سفينة تابعة للبحرية الأمريكية نفذت الضربات ضد أهداف للحوثيين في اليمن. وقد تعرضت العاصمة اليمنية صنعاء لعدد من الغارات الأمريكية البريطانية وفق ما أعلنت قناة المسيرة التابعة لجماعة أنصار الله الحوثيين. وبررت الهجمات بأنها من أجل اضعاف جماعة الحوثيين ومهاجمتها للسفن في البحر الأحمر وتهديد حركة التجارة العالمية في هذه المنطقة الاستيراتيجية من العالم والقريبة من مناطق انتاج وتصدير النفط في الخليج.
من جانبه، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الغارات الجوية نفذت بدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا، مضيفا "لن نتردد" في "إصدار أمر باتخاذ مزيد من الإجراءات" إذا لزم الأمر. وذكرت وسائل إعلام أمريكية، أن الضربات الجوية جاءت في أعقاب تحذيرات من الحلفاء الغربيين، وشاركت فيها طائرات مقاتلة واستعملت فيها صواريخ توماهوك.
في الوقت الذي تؤكد واشنطن أن ضرباتها بهدف حماية الأمن في الممرات المائية الاستيراتيجية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. نجد أنه من من جهتها، أكدت جماعة الحوثيين ما ذكره المسؤولون الأمريكيون ووسائل إعلام أمريكية عن الهجوم، حيث قالت إن ضربات أمريكية - بريطانية جديدة استهدفت العاصمة صنعاء بغارات، غداة ضربات شنتها واشنطن ولندن على مواقع عسكرية في أعقاب التصعيد في البحر الأحمر خلال الأسابيع الأخيرة. وأوضحت أن الضربات الجديدة استهدفت قاعدة الديلمي الجوية شمالي صنعاء، منوهة إلى هذه الضربات بسبب مطامع أمريكية في المنطقة للسيطرة علي الممرات المائية خاصة بعد التواجد الصيني الروسي القريب من هذه النقاط الحيوية اقتصاديا وللتجارة الدولية، وأنه من المعروف أن إيران والحوثيين من الحلفاء المعلنين أو غير المعلن عنهم لكل من بكين وموسكو.
في هذا السياق، تعمل روسيا علي تقييد الضربات الأمريكية، خاصة عندما تطالب بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي للنظر في التطورات المتسارعة في البحر الأحمر، وعقب الهجوم الأمريكي - البريطاني على أهدف حوثية في اليمن. مضيفة أن هذه الضربات مخالفة للقانون والأعراف الدولية. تترقب وتراقب روسيا الموقف في منطقة البحر الأحمر خاصة وأنها منطقة حيوية واستيراتيجية بالنسبة للقوى الدولية لقربها من مناطق انتاج وتصدير النفط في دول الخليج. والتحرك الروسي دائما يحظي بدعم صيني غير محدود.
في هذا السياق، عبرت الكثير من الدول الخليجي تحديدا عن قلقها البالغ بسبب الضربات التي ربما ترد عليها إيران أو الحوثيين بشكل مختلف يثير المزيد من عدم الاستقرار في منطقة الخليج، المنطقة الوحيدة عالميا التي لا تعاني من آثار التضخم العالمي وآثار الحرب الروسية الأوكرانية علي خطوط المنتجات الغذائية ومنتجات الطاقة، بسبب الوفورات البترولية التي تتمتع بها. هنا عبرت سلطنة عُمان عن بالغ قلقها لمتابعة تطورات القصف الأمريكي البريطاني الذي طال عِدة مدن في الجمهورية اليمنية، بينما تتمادى إسرائيل في قصفها وحربها الغاشمة وحصارها لقطاع غزة دون حساب أو عقاب. وأكدت سلطنة عُمان في بيان نقلته وكالة الأنباء العمانية، بأنها حذرت مرارا من توسع دائرة الصراع والمواجهة في المنطقة نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية.
كما قالت المملكة العربية السعودية إنها تتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، والغارات الجوية التي تعرضت لها عدة مواقع في الجمهورية اليمنية. ووفق ما أوردته وكالة الأنباء السعودية واس، فان السعودية تؤكد أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر التي تعد حرية الملاحة فيها مطلبا دوليا لمساسها بمصالح العالم أجمع. ودعت إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث.
وفي الوقت الذي تستعد فيه أمريكا للانتخابات الرئاسية نوفمبر القادم، والكل يعرف موقف ترامب المرشح الجمهوري الرافض للدخول في أي حروب وتكثيف العلاقات الأمنية والعسكرية السلمية مع دول منطقة الخليج بما يعدو بفوائد اقتصادية ضخمة مقارنة بالديمقراطيين وجو بايدن هواة الحروب وبث عدم الاستقرار، لذا نج من وقت لآخر علي استحياء في واشنطن وغيرها من المدن الأمريكية، تظاهرات أمام البيت الأبيض نظمها عدد من المحتجين على الضربات التي يشنها الجيش الأمريكي على عدة مواقع في اليمن. وذكرت وسائل إعلام أمريكية، أن المحتجين طالبوا بوقف القصف الذي تقوده الولايات المتحدة على اليمن، وهتفوا "ارفعوا أيديكم عن اليمن"، فيما أظهرت فيديوهات متداولة المحتجين وهم يهتفون أيضاً بتحرير فلسطين ويرفعون أعلاما فلسطينية.