لماذا نخشى التماثيل؟!
اطلعنا منذ أسابيع على إقامة ونصب تمثال الأنبا أنطونيوس في ديره العامر بالبحر الأحمر، ومنذ أيام قلائل وجدنا صورا منتشرة وبيانا من أسقف الفيوم يهنأ رئيس دير البحر الأحمر بإزالة التمثال.
وانتشر مثل النار في الهشيم صور البلدوزر وهو يقضى على التمثال ويطرحه أرضا وسط آلاف الاعجابات من الأقباط انه قرار حكيم، وقرار إيماني قويم بلا منازع؟! معطيين صورة للأخر من حولنا إننا بالفعل نعبد التماثيل وان أحدنا قد أفيق من غيبوبته فطرح التمثال أرضا لنأكد الفكرة المزروعة عند البعض باننا نعبد تلك التماثيل وان عبادة الأوثان مازالت لدى المسيحيين.
الغريب في الأمر المناشدات إلى كثرت بعد ذلك البيان للأنبا يؤانس أن يقوم بإزالة التمثال الضخم أيضا الذي تم إقامته في دير السيدة العذراء مريم بدرنكة وإن يحذو حذو الأنبا إبرام مطران الفيوم، والأنبا يسطس رئيس دير الأنبا أنطونيوس الذي قام بإزالة التمثال الضخم للأنبا أنطونيوس بحجة الحفاظ على هوية كنيستنا القبطية الأرثوذكسية؟!
بينما فكر عبادة التماثيل فكر انتهى من العالم له أكثر من 17 قرن من الزمان بعد سقوط الدولة الرومانية الوثنية وتحولها لمسيحية، وتحول عمل التماثيل إلى تكريم، فنحن نكرم الرؤساء بصناعة التماثيل والمشاهير بمتحف الشمع لهم تماثيل شمعية، هل معنى ذلك إننا أو انهم يعبدونهم؟!
فكم بالحري القديسين؟!... أتخشون من أن يقال عنكم إنكم تقلدوا الكنيسة الكاثوليكية وهي صاحبة فكر صناعة التماثيل؟! وان سرنا معكم في ذلك الفكر.. هل رأينا الكنيسة الكاثوليكية تعبد تلك التماثيل؟!
وان سرنا على ذات المنوال فعلينا أيضا أن نمنع الصور، لماذا هذه الثورة على التماثيل الآن، يوجد تماثيل من فترات طويلة ولم يتكلم أحد، هل المطلوب التماثيل ام الأشخاص المراد محاربتهم، فالأيقونات تعرض على حجاب الهيكل داخل الكنائس وتخضع لبعض الطقوس الدينية الخاصة تصل للتبخير والتدشين والتبارك.
ولا ننسى إننا تربينا منذ طفولتنا في عيد الميلاد أن نصنع شجرة ومزود للبقر مكون من تماثيل لماذا لم نحارب مزود البقر؟!
وكما استند المتشددون والمهللون إلى قول الرب في التوراة " لا تصنع لك منحوتة" علينا أن نتذكر انه أيضا أمر موسي أن يصنع كاروبان كبيران ذو أجنحه متقلبة (تمثالان) يغطيان تابوت العهد، وأن يصنعوا الشاروب ويوضع على حجاب الهيكل وأمر الله موسي أن يصنع حية نحاسية ويضعها في موقع مرتفع، فالتماثيل والصور ليست للعبادة بل للتذكار.
لولا عبادة بنى إسرائيل للعجل الذهبي ما كان الله طلب من موسى عقاب بنى إسرائيل
فراحيل زوجة يعقوب سرقت أصنام أبيها ولم يكلم الله يعقوب عن ذلك!!
الأمر الذي وصلت إليه الكنيسة متمثلة في أبنائها سواء من الرعاة او الرعية المتذرعين بعباءة السلفية الأرثوذكسية تكشف عن تشوهات اجتماعية وفكرية داخل المكون القبطي دفعته لتديين كل مظاهر الحياة العامة. فيجب علينا عدم المغالاة في كل شيء باسم الكنيسة والطقوس.. فكما أن التمثال من صناعة البشر فالطقوس أيضا صناعة بشرية.