الحكومة المصرية تغسل يدها من دواء ”الغلابة”
في تطور ظاهره تطوير وتحسين، وباطنه يحمل الكثير من التساؤلات، قامت الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الصحة بوضع لائحة جديدة للمستشفيات والوحدات الصحية يصاحبها قائمة أسعار خيالية لا يقدر عليها المواطن المصري البسيط.
وحددت المجانية على فئات بعينها منها الحاصلون على تكافل وكرامة أو المسجلين لدى التضامن الاجتماعي أو المحاربين القدامى، ونست أو تناست أن هناك فئات أخرى لا تستطيع تحمل تكاليف العلاج والأشعة والإجراءات التداخلية وليسوا ضمن الفئات المجانية المذكورة التي حددتها وزارة الصحة.
فمثلا عملية قسطرة عادية من الممكن أن تصل إلى ٢٥ ألف جنيه، السونار لمتابعة المرأة الحامل كان بخمسة جنيها ثم زاد إلى عشرين جنيه الآن تكلفته 260 جنيها.
كل الفئات التي تعمل بدون عقود او في جهات خاصة مثل الباعة الجائلين والعمالة الزراعية أو عمال البناء والهدم "على باب الله" أو صحفيين (صحف خاصة) محاميين أو أطباء أو صيادلة أو غير ذلك ليس لديهم تأمين صحي أو ينطبق عليهم نفقة الدولة.
فلائحة العلاج الجديدة لن تشملهم وسيقومون بدفع فاتورة الحساب ٧٠٪ أولا قبل الدخول للأقسام الداخلية في المستشفيات العامة والوحدات الصحية في حال ان حالات نفقة الدولة لا تنطبق عليهم وهذه حالات حددتها الحكومة مسبقا.
فمن لا يحمل تأمين صحي أو مستحق لنفقة الدولة ويريد الدخول للمستشفيات العامة فلابد له ان يدفع ٧٠٪ من الخدمات او العمليات التي ستقدم، والطريف ان الطبيب المشرف على الحالة سيكتب تعهد بخصم قيمة تكاليف علاجه أو إقامته من أتعابه، فيقع الطبيب بين مأزق الرحمة ومأزق انه أيضا مسؤول عن اسرة وبيت ولديه التزامات وهكذا خلعت الحكومة يديها من مجانية العلاج بالكامل.
وحسب القرار ٩٥ من اللائحة ٧٥ فان القواعد المنظمة للعلاج بأجر تنص على أن ٢٥٪ من الأسرة أو المستشفى كلها ستكون مجاني فقط للفئات التالية (تكافل وكرامة ومصابي العمليات الإرهابية أو اسر المفقودين أو بحث اجتماعي) أو تكون منتفع بالتأمين الصحي، وهكذا نتأكد من ان الفلسفة الجديدة للمستشفيات والأساس أن الخدمة الصحية بتقدم بشكل اقتصادي وليس خدمة مجانية كما كان إلا للفئات المذكورة سابقا.
اما ٧٥٪ من إجمالي الخدمات داخل المستشفى يتم حسابها من صندوق المنتفعين بالتأمين الصحي أو صندوق نفقة الدولة بشرط أن يكون لك الحق في الانتفاع بها حسب الشروط المستحقة التي حددتها الدولة.
غير ذلك سيتم تقديم الخدمات بالتسعير الجديد بمعنى أن أي عامل دون عقد "وهؤلاء بالملايين" سيتم تقديم الخدمة بالحساب الجديد مثلا خلع الضرس بـــــ ٢٥٠ جنيه بالمستشفيات ومن 70 إلى 120 بالوحدات الصحية.
فلم يعد المصري يفكر تفكيرا طويلا في نوعية الطعام الذي يأكله من غلاء الأسعار فانه يأكل الأكل الغير صحي واللحوم المصنعة لأنها الأرخص سعرا ليسد جوعه، الأمر الذي يصيبه ببعض الأمراض نتيجة سوء التغذية فلا يجد دواء أو علاجا أو مكانا في وزارة الصحة، وبالطبع لن يجد ولن يبحث عن مكانا في المستشفيات الخاصة فيموت، ونظل في تلك الدائرة المفرغة، هذا من جهة.
من جهة أخرى زيادة أسعار الدواء من الصيدليات يقابله من الجهة الأخرى القرار الوزاري الظالم بصرف صنف دواء واحد على التذكرة من باب التقشف أو من باب التوفير أو "الاستخسار" في المريض، فيصبح المصريون بلا طعام جيد بلا خدمات علاجية بلا دواء، في موقف لا يحسد عليه، الجميع ينهش في لحمه.
أسعار مبالغ فيها، وفأل غير حسن للفقراء وغير القادرين. وهدر للحق الدستوري لكفالة الدولة العلاج والرعاية وتخلي عن الطبقات الفقيرة والحق في العلاج.