أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

العربيَّة.. وسِحرها الفريد

اللغة في كل مكانٍ وزمان هي جناح الأفكار الذي تُسافر به من روحٍ إلى روح، و هي بساط الريح السحري القادر على نقل عقل الإنسان من معرفة إلى أخرى، والانطلاق بمشاعره من أدنى الحُزن إلى أقصى الفرح بكلماتها المنطوقة أو المكتوبة، فترتدي المشاعر تلك الكلمات أثوابًا تخلب لب السامع أو تستثير ازدرائه، تُدغدغ رضاه واستحسانه أو تكون بابًا يُفتح نحو انفجارات حنقه وغضبه وربما اشمئزازه وصولاً إلى استفزاز غرائزه الانتقامية المجنونة المؤثرة في تاريخه الخاص إن كان من عامَّة الناس، وفي تاريخ شعوبٍ وأمم وحضارات إن كان من الممسكين بزمام مصير شعبٍ أو أمة أو حضارة.

وإذا كان لكُل لغةٍ منطوقةٍ على وجه الأرض نصيبها الوافر من التأثير في تاريخ الناطقين بها وحاضرهم الراكض نحو مستقبلهم؛ فإن اللغة العربية تنفرد بمكانةٍ نفيسةٍ تستحق أن تتربع بها على عرش أجمل اللغات الحيَّة لامتلاكها أثرًا سحريًا فريدًا تستحوذ به على عواطف السامعين، وهو ما أشارت إليه المُستشرقة الألمانية سيغريد هونكه في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) بقولها: "كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة!".

في فترةٍ من أواخر ستينيات القرن العشرين حتى أواخر سبعينيَّاته؛ كان ثمة عناية باللغة العربية الفُصحى واهتمام بنشرها عبر وسائل الإعلام العربيَّة، ولم يكُن غريبًا أن تُقدم مُسلسلات مُجتمعيَّة مُعاصرة ناطقةً بالعربيَّة الفُصحى، قد يكون من أكثرها بقاءً على قيد الحياة في الذاكرة الجمعيَّة للمُشاهدين العرب مُسلسل (حولَ غُرفتي) ومُسلسل (عازف الليل) ومُسلسل (النهر)، وكلها من إنتاج شبكة (تلفزيون لبنان والمشرق العربي) في ذاك الوقت، وقد امتد التأثير الثقافي والمشاعري واللغوي والترفيهي لتلك المُسلسلات عقودًا من الزمن إلى درجة أن كثير من الشابَّات والشبان في زمننا هذا مازالوا يستمتعون بتكرار مُشاهدة حلقاتها حين تم عرضها على الشبكة العنكبوتية الإلكترونية (الإنترنت)، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تفنيد الأوهام الزاعمة بأن عمر اللغة العربية قد انتهى، وأنها لم تعُد صالحة للزمان أو المكان، ويؤكد أن المشكلة الحقيقية هي في اقصاء تلك اللغة وتعمُّد تجاهُلها من كل جهةٍ يُفترض بها المُساهمة في نشرها، في حين أن السحر الموسيقي الكامن في حروفها يملك قُدرةً عجيبة على إغواء المسامِع واجتذاب المشاعِر في كُل وقت حين يتم تقديمها للمُتلقي بالصورة الراقية التي تليق بها وتستحقها.

ولا شك أن اللغة العربية الفُصحى كان بوسعها أن تحظى بحياة أكثر امتدادًا لو استمر تقديمها للسامعين والمُشاهدين في قوالب شهية جذابة قادرة على خطف قلوبهم والاستحواذ على مشاعرهم بدل اعتبارها لُغة فائضة عن حاجة الإنسان في المُجتمع العربي، ومُحاربتها بلُغاتٍ غريبة أو لهجاتٍ محكية غير مُترابطة في نصوص درامية أو قصصية مُتهالكة.