انتهاء عصر مجانية التعليم وسيطرة ”السناتر”
لم أعد أتابع أحوال التعليم في مصر، من سنوات بسبب هجرتي الي بلاد العم سام. ولكن صدمني حوار مطول مع صديقي الصحفي ماجد سمير، عرفت منه أن التعليم المجاني يحتضر، أن لم يكن فعليا قد مات، وأصبحت لغة الحنيه غلب الكلمة، هي القاعدة الحاكمة.
نبدأ الحكاية من عند وزارة التربية والتعليم، التي تصدعنا منذ سنوات بمجهوداتها الجبارة لتطوير التعليم، ولكن ما سمعته صدمني.
الطلبة لا يذهبون للمدارس، والمعلمون لا يشرحون، إلا القلة القليلة طمعا في نعيم الدروس الخصوصية وأموالها الطائلة. ولا يشرح إلا من رحم ربي قلة من المدرسين لا يسألون يتمتعون بالضمير.
وزارة التربية والتعليم تحصل علي نصيب من الموازنة العانة من ضرائب المصريين وإيرادات الدولة لا تستحقه. تغمض العين عن غياب الطلاب، وعدم شرح بعض المدرسين بالمدارس، وترك المجال للسناتر الخصوصية، دخول فئات أخري غير المدرسين مجال التعليم، ليس في المدارس، ولكن السناتر الخصوصية مثل: الأطباء والمهندسين، الذين يعطون دروسا خصوصية.
لكن ان تتخيل أن بعض المراكز يتاجرون صالات مغطاة للطلبة الذين تتجاوز أعدادهم أكثر من 5 الأف في المرة الواحدة، وبسعر 100جنيه للحصة، بما يعادل أكثر من 500 ألف جنية للساعة الواحدة. كما يقسمون المادة الواحدة لفصول دراسية ولتكون 3 أو 4 فصول وكل كتاب ما بين 300الي 400 جنيه للكتاب الفرعي.
وهذا كله مطلوب من ولي أمر الطالب أو الطالبة سداده على مدار السنة الدراسية.
القادم ان وزارة التربية والتعليم تغمض العين، والأهالي يعانون ولا يجدون من ينقذهم من بطش قلة من المدرسين المليونيرات.
قديما علمونا في المدارس: قف للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا. أما الآن في عهد المادة أصبحت القاعدة "شخلل عشان تعدي".
أتساءل عن دور السوشيال ميديا التي تصدعنا بالتريندات وأخبار اللاعبين والفنانين، لماذا لا تعمل حملة على هذه السناتر ومافيا الدروس الخصوصية التي تشكل اقتصادا اسود بعيدا عن تنظيم الدولة والضرائب المستحقة.
وبدلا من أن تقوم مجموعة شاومينج بتسريب الامتحانات لتخريج خريجين فشلة، فلتقوا بعمل وطني للقضاء على الدروس الخصوصية ونشر الكتب والملخصات التي يبيعها مدرسي الدروس الخصوصية ونشرها مجانا على السوشيال ميديا.
كما ان وزارة التربية والتعليم يجب أن تتوقف عن تجميل الصورة القبيحة واتباع نهج عملي تفيد للطلبة والطالبات والعائلات يتمثل في الاهتمام بالتعليم الفني والتقني بدلا من المؤهلات العليا التي غالبية حامليها يعانون من البطالة.
حزنت على أحوال التعليم وتعجبت من صمت وزارة التربية والتعليم ومجموعات السوشيال ميديا لقضايا التعليم والدروس الخصوصية رغم ان اهتمامها بها يمكن ان يترتب عليه نتائج مفيدة للدولة والمجتمع والعائلات والطلبة.
متي يجعلون من التعليم قضية امن وطني تخص كل فئات المجتمع لمواجهة مافيا السناتر والدروس الخصوصية؟