حلا لأزمة ارتفاع أسعار المحروقات:
هل تفكر مصر في تصنيع السيارة الكهربائية؟
أتابع عن كثب ردود الأفعال لكثير من المصريين بعد رفع أسعار المحروقات، من بنزين وسولار وغيرها، بما يدور ما بين جنيهين وجنيه ونصف. وهذه الارتفاعات تثير حفيظة الطبقات المتوسطة والفقيرة، لأنها في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار في مصر لم تعد طاقتها تتحمل كل هذا. ارتفاع أسعار السولار والبنزين، يعني ارتفاع في أسعار كل المنتجات والخدمات، من مواد غذائية ومواصلات وغيرها، كل خدمة ومنتج يدخل في صناعته أو تقديمه الطاقة.
على الجانب الآخر، من المهم تقهم ثقل المسؤوليات والأعباء الواقعة علي عاتق الحكومة المصرية، في ظل نظام اقتصادي وتجاري دولي يعاني من التضخم والارتفاع الجنوني للأسعار في الغرب مثل الشرق، وإن كان الفارق بين الجانبين، أنه في الغرب المرتبات تختلف عن المرتبات في الشرق ومصر وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
لكن في هذا السياق، يتجاهل الكثير من المحللين والمهتمين بالشأن الاقتصادي سواء على مستوي الطاقة والمحروقات أو اقتصاد المواصلات، أن الغرب حقق طفرة ملموسة في اقتصاد السيارات الكهربائية، التي لم تعد تتأثر بأي ارتفاعات في أسعار المحروقات. وهنا يبقي السؤال المصيري، هل تفكر مصر في بديل السيارة الكهربائية، لتكون بديلا عمليا وواقعيا للتخلص من بعبع ارتفاع أسعار المحروقات؟
لا أتحدث عن استيراد مصر للسيارات الكهربائية من الغرب أو آسيا وتحديدا اليابان وكوريا الجنوبية. ولكنني أتحدث هنا عن مشروع قومي وطني مصري يستهدف تصنيع السيارة الكهربائية في مصر، لتكون سيارة وطنية، مثلما كان الحال بالنسبة للسيارات المصرية التي تم تصنيعها في الستينيات والسبعينيات، وأتحدث هنا عن سيارة فيات 1300، وغيرها، هذه الصناعة الوطنية، التي اضمحلت مع الوقت.
مصر لديها رجال أعمال ومستثمرين، قادرين على ضخم مليارات الاستثمارات برعاية ودعم بل وشراكة مع الدولة المصرية، لتصنيع سيارة كهربائية مصرية وطنية، بأسعار تتناسب مع القوة الشرائية الحالية للمصريين وقدراتهم، بدلا من السيارات العاملة بالبنزين.
هناك رجال أعمال وطنيون، يمكن أن يدخلوا في شركة مع الدولة المصرية، ولتدشين وإطلاق هذا المشروع الوطني الطموح، والذي يمكن أن يحقق رضاء للمواطن والحكومة على السواء. أما فيما يتعلق باحتياج محطات الكهرباء للطاقة لإنتاج كما أكبر، فإن صحاري مصر، يمكن الاستفادة منها في بناء طواحين الهواء، من أجل التوسع في إنتاج الكهرباء من الرياح كما هو الحال في صحراء البحر الأحمر علي الطريق إلى سيناء سواء للغردقة أو شرم الشيخ، كما يمكن التوسع في هذا الأمر في الصحراء الغربية.
الأمر يحتاج إرادة سياسية، وتكاتف من تكتل من مجموعة من رجال الأعمال الوطنيين ولا يضر لو بحثوا عن مستثمرين غير مصريين، خليجيين أو أوربيين أو أمريكيين أو آسيويين، من أجل تدشين وإطلاق هذا المشروع العملاق.
نعلم أن هناك مصالح لوكلاء شركات السيارات العاملة بالبنزين في مصر، وأنهم لن يتركوا هذا الأمر دون رد فعل، ولكنهم في واقع الأمر، هم الفئة الأولي المدعوة لدعم هذا المشروع الوطني والدخول في شراكة فيه استثماريا وتصنيعيا وتسويقيا، بما يحافظ على مصالحهم ويحقق مصالح الدولة المصرية والمواطن المصري.
المشروع وطني قومي وطموح ويحتاج تكاتف كثير من الدولة ورجال الأعمال المستثمرين، ومراكز البحوث والتطوير في كليات الهندسة المصرية المشهود لبعضها بالكفاءة العالية والقدرة على الابتكار والاختراع، فضلا عن التعاون والشراكة مع عدد من شركات تصنيع السيارات العالمية، التي لن ترفض مشروع قومي مثل هذا، طالما حصلت علي حصة من المنافع، في سوق عملاقة مثل السوق المصرية. المشروع وطني وعملاق، لكنه يحتاج إلى إرادة سياسية واستثمارية وتسويقية وابتكارية، ليري أرض الواقع، ويساهم في التخلص من الآثار السلبية، لتحرير أسعار المحروقات من بنزين وسولار.