كارتر... مُزارع الفول السوداني الذي حكم أميركا وحاز «نوبل للسلام»
تُوفي الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الحائز جائزة نوبل للسلام، عن عمر ناهز 100 عام، وفق ما ذكر مركز كارتر.
كان كارتر مُزارعاً في حقول الفول السوداني بولاية جورجيا، وواجه، خلال فترة تولّيه رئاسة الولايات المتحدة، مشكلات؛ منها سوء الأوضاع الاقتصادية، وأزمة الرهائن في إيران، لكنه توسَّط في السلام بين إسرائيل ومصر، وحصل فيما بعد على جائزة نوبل للسلام عن عمله الإنساني عام 2002.
وقال البيت الأبيض، في بيان، إن الرئيس الأميركي جو بايدن وجَّه بأن يكون التاسع من يناير المقبل، يوماً للحداد الوطني على وفاة كارتر في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وقال تشيب كارتر، نجل الرئيس الراحل: «كان والدي بطلاً؛ ليس فقط بالنسبة لي، بل لكل من يؤمن بالسلام وحقوق الإنسان والحب المجرَّد من الأنانية. تشاركت أنا وإخوتي وأختي هذا الحب مع بقية العالم
من خلال هذه المبادئ المشتركة. العالم هو عائلتنا بسبب الطريقة التي جمع بها الناس معاً، نشكركم على تكريم ذكراه من خلال الاستمرار في العيش وفقاً لهذه المبادئ المشتركة».
وكان كارتر ينتمي للحزب الديمقراطي، وشغل منصب الرئيس من عام 1977 إلى 1981، بعد هزيمة الرئيس الجمهوري آنذاك جيرالد فورد في انتخابات عام 1976. وتميزت فترة رئاسته الوحيدة بإبرام اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 بين إسرائيل ومصر، والتي جلبت بعض الاستقرار إلى الشرق الأوسط.
لكن فترة رئاسة كارتر شهدت أيضاً ركوداً اقتصادياً، وتراجعت شعبيته بشكل مستمر، فضلاً عن الإحراج الذي أحدثته أزمة الرهائن في إيران، والتي استنفدت آخر 444 يوماً له في منصبه
ولم يتمكن من الفوز بولاية ثانية في عام 1980، إذ تلقّى هزيمة ساحقة أمام مُنافسه الجمهوري رونالد ريغان، الممثل السابق وحاكم كاليفورنيا.
وامتد عمر كارتر بعد انتهاء ولايته لفترة أطول من أي رئيس أميركي آخر، واكتسب سُمعة طيبة طوال مسيرته رئيساً سابقاً، مقارنة بما كان عليه الوضع عندما كان رئيساً، وهي المكانة التي كان يدركها.
وأثنى زعماء العالم ورؤساء سابقون للولايات المتحدة على رجلٍ امتدحوه لجهوده على المستوى الإنساني، والتزامه بتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
في سنواته الأخيرة، عانى كارتر مشكلات صحية عدة، مثل الورم الميلانيني الذي انتشر إلى الكبد والدماغ.
عندما طُلب من كارتر تقييم فترة رئاسته، قال، في فيلم وثائقي عام 1991: «كان أكبر فشلٍ عانينا منه هو الفشل السياسي. لم أتمكن قط من إقناع الشعب الأميركي بأنني زعيم قوي وحاسم».
وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها في منصبه، لم ينافس كارتر من الرؤساء السابقين سوى القليل على تحقيق الإنجازات. فقد اكتسب شهرة عالمية بوصفه مدافعاً، لا يعرف الكلل، عن حقوق الإنسان، وصوتاً للمحرومين، وزعيماً في مكافحة الجوع والفقر، ففاز بالاحترام الذي فقده عندما كان في البيت الأبيض.
ونال كارتر جائزة نوبل للسلام عام 2002؛ لجهوده في تعزيز حقوق الإنسان وحل النزاعات في مختلف أنحاء العالم، من إثيوبيا وإريتريا، إلى البوسنة وهايتي. وأرسل مركز كارتر في أتلانتا وفوداً دولية، لمراقبة الانتخابات، إلى مختلف دول العالم.
كان كارتر مُدرساً في مدرسة الأحد، التابعة للكنيسة المعمدانية الجنوبية، منذ أن كان فتى، وحمل معه إحساساً قوياً بالأخلاق إلى البيت الأبيض، حيث تحدَّث بصراحة عن إيمانه الديني، كما سعى إلى إضفاء بعض التواضع على مظاهر الرئاسة الفاخرة، إذ سار، بدلاً من ركوب سيارة ليموزين في موكب تنصيبه عام 1977.