عبد المسيح يوسف يكتب: روسيا تكشف أميركا وعملاء السعودية وقطر في المنطقة
نشرت مؤخرا وزارة الدفاع العراقية بيانات تعلن فيه استهداف موكب الخليفة أبوبكر البغدادي خليفة المسلمين للدولة الإسلامية في العراق وسوريا "داعش". وأكدت وزارة الدفاع العراقية مقتل البغدادي. ويأتي هذا في وقت نجحت في روسيا الاتحادية أن تكشف كذب الإدارة الأميركية للديمقراطيين برئاسة باراك أوباما وعملائه في المنطقة وتحديدا السعودية وقطر وتركيا بشأن موقفهم المشين من داعش.
كان القرار الروسي، للرئيس بوتين بالتدخل الصريح والمباشر في الحرب ضد الإرهاب، بعد تأكده أن أميركا توظف قوى إرهابية دينية، ممثلة في داعش وجبهة النصرة، لتحقيق أهداف استيراتيجية وسياسية، ستضر بالعديد من دول المنطقة مباشرة، كما أنها ستلحق أضرارا عميقة جيواستيراتيجية وسياسية واقتصادية بالعملاق الروسي.
إن التلاعب الإميركي بمصير شعوب منطقة الشرق الأوسط، عن طريق التمويه والتحايل علي العالم، بتمويل ودعم قوى إرهابية، لتحقيق مصالح غربية وأوروبية يكشف مدى "الغشم السياسي" لنظم الحكم في السعودية وقطر، مقارنة بتركيا، التي على استعداد لبذل الغالي والنفيس من أجل الانضمام لمنظومة الاتحاد الأوروبي.
قد تكون دوافع روسيا للتدخل الفعلي، حماية مصالحها، الممثلة في دعم الأسد وإيران من ناحية، ومن ناحية أخرى إفشال أى خطط أميركية وسعودية وقطرية بشأن تأسيس دولة سنية تصدر الغاز الطبيعي إلى أوروبا التابعة لواشنطن، بدلا من استمرارها تحت رحمة الغاز الروسي.
يبدو أن الفشل الأميركي المتواصل على مستوى السياسة الخارجية، أمام جرأة الرئيس بوتين، وإعادة احياء تحالفه مع القاهرة، وهو ما يفسح المجال أمام نطاق حيوي جديد للدب الروسي في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد أن تكشفت مؤامرة أميركا لدعم القوى الراديكالية الإرهابية، ذات التوجهات الدينية المتشددة في المنطقة العربية، وهو ما يتلاقي مع الأطماع القطرية، الباحثة عن أى دور للوكالة في المنطقة، والتوجهات السعودية الشريرة الخاصة بفرض أنماط وسلوكيات حياتية وهابية ومتخلفة، تعود بالمجتمعات المدنية إلى عصور الجاهلية والتخلف.
ربما السعودية مصدومة من التقارب المصري الروسي، والتقارب المصري السوري. هذه الصدمة منطقية، لأن السعوديين، وبمنطق المعايرة والتعالي الذي يتعاملون به ليس مع المصريين فقط، ولكن حتى مع بقية "الخلايجة"، إذ يرى السعودية أن "على رأسه ريشة" مقارنة بكل مواطني الدول العربية الأخرى. وهذه نظرة عنصرية، يغذيها تدفقات مالية، وهيمنة إعلامية علي المنطقة العربية. الصدمة السعودية من تصورها أن كل حلفاءها يجب أن يدوروا في فلكها، بما فيهم مصر، القوة الإقليمية الكبيرة.
متى يدرك السعوديون أن هناك شرور تعاني منها المجتمعات العربية، بسبب نشر سلوكيات الوهابية، فضلا عن السياسات المترهلة لملك عاجز ذهنيا، فكلما كبر الإنسان في العمر، كلما تأكلت خلايا مخه، وفقد القدرة علي التفكير والقرار الطبيعي، ولن نقول فقط السليم.
وهنا ينتظر أن يلعب الإعلام الرافض لشرور الوهابية ووكالة السعودية وقطر وتركيا الممولة لقوى الإرهاب بالمنطقة، دورا لتخليص الأماكن المقدسة المسلمة من اختطاف عائلة آل سعود لها، عن طريق التأكيد علي جعل الأماكن المقدسة في الحجاز تخضع لسلطة روحية لها مكانتها الروحية، والاعتداد السياسي بها دوليا، مثلما هو الحال في الفاتيكان، فهو ملك جميع المسيحيين في العالم، وليس ملكا خاصا لعائلة حاكمة حديثة العهد، اقتنصت الحكم عن طريق السيف في الثلاثينيات من القرن العشرين، وتعاني من الترهل وفساد السلوكيات.
يبدو أن التاريخ يعيد نفسه من جديد، فصراع نهاية الحضارات والأديان لفرانسيس فوكاياها، يتجسد في أبهي صوره في منطقة الشرق الأوسط العربية. وللأسف القوى والجماعات الإرهابية الراديكالية تساعد الإدارة الأميركية الحالية الداعمة لهم، في تحقيق أهدافها لتدمير المنطقة، وتفتيت دولها، موظفة هذه الجماعات الدموية، لتنفيذ أغراضها في منطقة لم تعرف يوما معني الاستقرار.
القوى الفاعلة الساعية للتخلص من الوهابية الشريرة للمملكة السعودية المترهلة، وقطر العميلة لقوى الشر، عليها أن تلعب على التأثير في المواطن العادي في هذه الدول، خاصة وأن غالبية دول الخليج –باستثناء الإمارات، التي تعد أكثر دول الخليج تقدما ومدنية- تعتمد علي معادلة مغرضة مفاده أن تقديم كل الخدمات والدعم المالي للمواطن فيها مقابل عدم الخوض بتاتا في قضايا السياسة، وهو ما يجعله مواطن دون روح وحياة، فهو مواطن مسير من قبل العائلات الحاكمة وليس مخير.
وفي التوقيت الذي يبدأ فيه المواطن في هذه الدول الاهتمام بمستقبل مجتمعه، ستهتز هذه العائلات اهتزازات قوية، قد تؤدي إلى التغيير الراديكالي فيها، ولهذا فإن تويتات ناشطين في السعودية أو قطر يمكن أن تهز العائلات المالكة لتحكم عليهم بالإعدام أو الجلد أو السجن مدى الحياة، لأنها عائلات سلطوية ديكتاتورية، تغمض إدارة أوباما المتحالفة مع الإرهاب عيونها عن ممارساتها الديكتاتورية.
إن الضربات الحقيقية للطيران الجوي الروسي، مدعوم بهجوم بري للجيش العربي السوري، على معاقل جماعات الشر لداعش في المدن السورية جعلهم يفرون إلى تركيا، الممر الآمن لمد داعش بالعناصر الإرهابية، بمباركة أميركا وتمويل قطر والسعودية ودول خليجية أخرى. وأثبتت لوسائل الإعلام العالمي والإنسانية، أن الضربات الجوية الأميركية والبريطانية والفرنسية على داعش كان ليس لقتل الإرهابيين، ولكن لمدهم بالأسلحة، مثلما كان يفعل الطيران القطري مع قوى الإرهاب في ليبيا، حيث يسقط عليها صناديق الأسلحة والذخيرة لتستخدمها ضد مصر، وهو ما يفسر التذمر القطري في الجامعة العربية من ضرب الطيران المصري لقوى الإرهاب في ليبيا، بعد قتلها 22 بطلا مصريا.
أميركا أصبحت في موقف لا تحسد عليه، في ظل إدارة أوباما المترددة في المجال الدولي أمام الدب الروسي، الجرئ والمبادر في اتخاذ قرارات، أحرجت الديمقراطيين، ودعمت من فرص الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، للتخلص من هذه الإدارة المتحالفة مع الإرهاب، خاصة وأن كل المرشحين عن الحزب الجمهوري، يرون في سياسات أوباما سببا رئيسيا في تفشي الإرهاب في المنطقة، أهمية دعم الرئيس المصري السيسي، وعدم تغيير نظام الأسد كنظام حكم وإنما كسياسات، حتى لا تسقط المنطقة في يد قوى الإرهاب، التي سيأتي اليوم وتصل إلى عواصم هذه الدول الغربية، بما فيها واشنطن، بما يؤدي لتكرار أحداث 11 سبتمبر، بصورة أو أخرى.