أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

عبد المسيح يوسف يكتب: فوز ترامب .. رسالة محاصرة الإرهاب والمزاج الشعبي في أمريكا

حينما ذهبت إلى فرنسا في منتصف التسعينيات لاستكمال دراستي العليا في جامعة لويس لوميير والمركز القومي للبحث العلمي الفرنسي، كان أساتذتي يتعجبون كثيرا من أنني كنت أريد عمل دراسة مقارنة بين مصر وفرنسا، على اعتبار أن الأمر نظري للغاية، وأنا لا أعرف المجتمع الفرنسي جيدا حينذاك، بمعني كل المجتمع الفرنسي. وبعد مناقشات وسجال، كان الاقتراح من أستاذ العلوم السياسية الفرنسي الكبير بول باكو أن أقوم بعمل دراسة مقارنة بين كل من مدينتي القاهرة وليون، وأن أقوم بانتقاء دائرة انتخابية جغرافية في كل منهما لأدرسها، كدراسة حالة. وكان المنطق في ذلك أن الانطلاق من معطيات نظرية، سيقود إلى نتائج نظرية، وكثيرا ما تكون غير دقيقة، في عالم جديد يعتمد علي المعلومات ورصد الواقع علي المستوى المايكرو، بعيدا عن النظريات المجوفة. بعدها اقتنعت أن النظريات ثبت فشلها، وأن النظريات إنما هي تعبير عن وصف لحقائق واستخلاص لنتائج من على أرض الواقع. أتذكر هذا الأمر وأنا أقرأ التحليلات النظرية في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المصرية والعربية، ما بين مؤيد أو معارضة خاصة لفوز المرشح اليميني دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبعيدا عن قناعاتي الشخصية بالفرحة لفوز ترامب، ليس لأنه الأفضل، ولكنه الأقل ضررا من الحرباية الإرهابية هيلاري كلينتون، فضلا عن أن فوزه يمثل دعما لبلدي الحبيب مصر، مقارنة بهيلاري حليفة الجماعات الإرهابية. أحاول هنا أن استعيد قدرا من حيوية منهاجية الشباب، ودراستي العليا في فرنسا، لرصد الواقع في المجتمع الغربي، وتحديدا في أمريكا الشمالية، لكل من كندا وبعض الأصدقاء من الأمريكيين غير المتحدثين بالعربية، سواء من الأنجلوفونيين أو القادمين من أمريكا اللاتينية، دون أن يطول المقام واقدم استنتاجات. الخلاصة أن هذه صورة بها قدر كبير من الأمانة في نقل ما يفكر ويعتقد فيه الناخب في المجتمع الأمريكي والكندي، والذي كان واضحا أن جزء غالب من المزاج الشعبي يميل لليمين بعد فساد اليسار الليبرالي والديمقراطي وعلاقاته المشبوهة مع الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط. وليس أدل من ذلك من ضرب داعش لفرنسا أكثر من مرتين، دون أن تتخذ باريس أى إجراء صارم من جانب الحكومة الاشتراكية الضعيفة إرضاء للديمقراطيين في البيت الأبيض خلال حكم أوباما. المواطن البسيط في أمريكا الشمالية، عندما تتحدث معه، وهو علي مستوى الممارسة غير متدين في المجمل، لكنه يحمل ثقافة كاثوليكية وبروتستانتينية مسيحية متينة، في بنيانه القيمي وتنشئته. هذا المواطن، في جزء غالب منه، يشعر بالخوف من الإرهاب المنتشر في الشرق الأوسط، ومخطط ضخ اللاجئين عمدا للمجتمعات الغربية، ليتسرب من بين أوساطهم الإرهابيين للمجتمعات المستقرة والآمنة، خاصة وأن سلوكيات بعض المسلمين تتسم بالعنف في المطالبة بحقوقهم استغلالا لقيم الحرية والديمقراطية، التي تتغني بها حكومات الديمقراطيين والليبراليين، ولكنه يدركها بعملية أكثر الجمهوريون والمحافظون، من حيث استغلال الجماعات الإسلامية لهذه الأمور في المجتمعات الغربية، مقارنة بتعاملهم مع الأقليات في المجتمعات المسلمة في الشرق الأوسط. دون أن ينفي هذا أن هناك نماذج مسلمة مشرفة ومستنيرة هنا. وإذا كان قطاع من المسلمين في الشرق الأوسط من أنصار داعش والجماعات الإسلامية، يقتلون ويغتصبون ويبيعون النساء والمسيحيات واليزيديات باسم الله، والله بالطبع برئ من كل هذا، فإن الله إن لم ينتقم من هذه القوى الإرهابية المتمسحة فيه، لتبرر لنفسها القتل والإرهاب وسفك الدماء واغتصاب وبيع النساء باسمه، فإن من الطبيعي طرح الأسئلة الوجودية حوله، حسب تفكير المواطن الغربي. وبالتالي فإن اليقين لدى هذا المواطن الغربي، وخاصة من ذوي أصول أمريكا اللاتينية، وهو يمثل أكبر مجتمع مهاجر في أمريكا وكندا، وهم متدينون جدا، ومن ثم فإن الله "المحبة"، سيتمجد في شخص ما، لكي يؤكد أنه لا يمكن أن يكون القتل والاغتصاب وسفك الدماء باسمه. هذا الأمر سيكون عبر شخص ما، في مكان ما، ليس بالضرورة، ترامب، أو أمريكا، ولكن الله لن يرضي أن يلصق هؤلاء الإرهابيون افعالهم الدموية، باسمه. هذا التيار، كان ينمو ويتعاظم في المجتمعات الغربية، في ظل فساد قطاع غالب من الإعلام لا يعبر إلا أن أصحاب المصالح، وليس أدل على ذلك من أن غالبية وسائل الإعلام كانت مع هيلاري ضد ترامب. لم يكن ترامب بالمطلق هو الشخص المنتظر، ولكن ترامب نجح في مخاطبة هذه الفئات، التي يسميها المصريون حزب الأغلبية الصامتى، حزب الكنبة، من الفلاحين والمورمون والآميش، وغيرها من الجماعات المحلية، التي تتجاوز أعدادها الملايين، ولا تحب المشاركة في الحياة السياسية، ولكن ترامب وحملته، بفعل تكوينهم اليميني، فطنوا إلى هذه الحقائق. في حين راهنت هيلاري علي سطوة أمام والإعلام أمام قوة الشعب، وإيمانه بأن الله لن يترك بدون شاهد، بأن الله محبة، وأن الله لا يقبل أن يتم القتل والاغتصاب وبيع وشراء النساء باسمه قهرا، من قبل جماعات إرهابية، تلقى كل الدعم التمويلي واللوجسيتي من قبل اليسار الحاكم في المجتمعات الغربية: الديمقراطيين في امريكا، والليبراليين في كندا، والاشتراكيين في فرنسا، والديمقراطيين المسيحيين حزب ميركل في ألمانيا. ورغم محاولات الإعلام وغسيل الأدمغة في أمريكا، فشلت هيلاري لأنها حسب قطاع يعتد به من الناخبين، من حزب الأغلبية الصامتة، تدعم الارهاب، الذي يسيء إلي صورة الله تعالي، الذي أنزل الأديان من أجل خير وصلاح البشرية وليس قتلها وسفك دمائها. ترامب بعث برسالة سلام مع الجميع بما فيها العدو التقليدي روسيا الاتحادية، ليتلاقي معها لمحاصرة جماعات الإرهاب، وبدء شن حرب عليها، لتأكيد معتقدات قطاعات يعتد بها من أن الله محبة، والأديان جاءت لنشر رسالة سلام. ترامب لم يعلن الحرب على أى مجتمع أو فئة، ودعوة لتقييد المهاجرين غير الشرعيين، في جوهرها لا عيب فيها، ولكنه لم يعلن طرد أي مهاجر يتمتع بوضع شرعي. ترامب ليس "المسيا"، ولكنه رجل المرحلة وفق المزاج الشعبي العام هنا. هذا الواقع الجديد، والذي في جزء منه رد فعل لما يحدث في منطقة الشرق الأوسط المنكوبة، بدأت تدركه بعض قوى اليسار، فهنا في كندا بدأ رئيس الوزراء الليبرالي جوستان ترودو يكثر من الظهور مع زوجته وأولاده الثلاثة، وهي من سلوكيات اليمين المحافظ، فضلا عن اهتمامه البالغ بإظهار رسم علامة الصليب في المناسبات المتنوعة، وهي مظاهر يمينية، لا يهتم بها اليسار عادة، لفصله بين الدين والسياسة. هذا الوضع سيتسمر لفترة، بالفعل هناك فئات عديدة تشعر بالفرح والسعادة لفوز ترامب، ليس لترامب في حد ذاته، ولكن لأنه يعول عليه القيام برسالة محددة، تتمثل في نشر الاستقرار ومحاربة الإرهاب. وعندما تتغير الأحوال في مناطق الشرق الأوسط، من الطبيعي أن يتغير المزاج الشعبي في المجتمعات صانعة القرار في العالم المتقدم، بأمريكا الشمالية. ومن المنطقي والطبيعي أن يعقب فوز ترامب والحزب الجمهوري، فوز أحزاب يمينية أخري، معتدلة، في دول أوروبية، وكذا في كندا، لتشكل موجة جديدة، متجانسة، تعبر عن توجهات حقيقية في المجتمعات الغربية، بعيدا عن تنظيرات خاطئة لا تدرك تطورات وتفاعلات المجتمعات الغربية والأمريكية، وتنتهي إلى نتائج خاطئة، مثلما فعلت بعض الأبواق غير الشريفة في مصر، في الحديث عن سعودية تيران وصنافير، مقابل حفنة من الريالات والدولارات، وهم يعلمون تمام العلم أنه بالتاريخ والدم أن #تيران_و_صنافير_مصرية.