عبد المسيح يوسف يكتب: السعودية ومصر والإمارات في مواجهة إرهاب قطر وتركيا وإيران (2-2)
علي ما يبدو أن الصراع مع دويلة قطر سيستمر لفترة طويلة نسبيا من الوقت في ظل الدعم الإيراني والتركي للدوحة، للتخفيف من آثار حصار السعودية ومصر والإمارات والبحرين. ويبدو أن هناك حلفين جديدين في المنطقة الأول يدعم الشر بكل موارده ممثلا في قطر وتركيا وإيران، والثاني يحاول تحجيم وحصار محور الشر الداعم للإرهاب، ممثلا في مصر والسعودية والإمارات والبحرين، بعيدا عن أي طرح للمواقف السعودية الراعية هذ الأخري للتطرف والإرهاب في العالم، حيث التقت مصالحها حالها لمحاربة الإرهاب، لتمهيد الطريق عالميا ليتولي محمد بن سلمان الإبن مقاليد الحكم في القريب العاجل.
ورغم هذه التوقعات، وصفت مصر المطالب التي تقدمت بها مع ثلاث دول عربية هي السعودية والإمارات والبحرين، إلى قطر بأنها "لا تقبل التفاوض". وقال وزير الخارجية سامح شكري إن: الأمر من البداية لم يكن مطروحا للنقاش، ولا توجد حلول وسط، وأن الرد القطري على مطالب مصر والسعودية والإمارات والبحرين كان مطولا ومتعبا وفيه الكثير من اللغط والسرد والكلام الفارغ، وسلبيا في توجهه. وجاءت هذه التصريحات بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع في القاهرة، الأسبوع الماضي، لبحث الرد القطري والتعامل معه، لكنها امتنعت عن اتخاذ إجراءات عقابية ضدها أخرى.
في سياق متصل، نجد أن هناك دولا مستفيدة ومن مصلحتها استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة، حيث أن جزء من التدفقات المالية القطرية سيذهب لها، وتحديدا تركيا. وفي هذا السياق، أعلنت تركيا دعمها موقف قطر. وجددت انتقادها للمطالب المقدمة لها بوصفها "غير مقبولة". وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، استمرار دعم بلاده للدوحة تحت أي ظرف. واعتبر أن بعض المطالب تعتبر بمثابة تجريد لقطر من سيادتها.
ويذكر أن قائمة المطالب تشمل أن تغلق قطر قاعدة عسكرية تركية على أراضيها. وتعتبر الدوحة هذا المطلب تدخلا في شؤونها الداخلية ومساسا بسيادتها وحقها في إبرام أي اتفاقات مع أي دولة.
وهنا قال أردوغان: لا نزال ملتزمين باتفاقنا مع قطر، إذا طلبت منا المغادرة فلن نبقى طالما لا توجد رغبة في وجودنا. وأظهرت تركيا دعما كبيراـ لقطر وأرسلت ما يقرب من 100 طائرة شحن محملة بالإمدادات والمواد الغذائية إلى الدوحة منذ بداية الأزمة. كما قررت تركيا إرسال المزيد من الجنود والعتاد العسكري إلى الدوحة بصورة أكبر من المتفق عليها في اتفاق الدوحة وأنقرة.
في سياق آخر، وظنا من الدوحة أن هذا سيقوى علاقاتها مع الإدارة الأمريكية، بعد سلسلة الصفقات والاتفاقيات العملاقة مع الرياض، وقع وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، ونظيره القطري خالد العطية، نهاية يونيه الماضي، اتفاقا قيمته 12 مليار دولار أمريكي، لتشتري قطر بمقتضاها طائرات مقاتلة من طراز إف-15. وتمت الصفقة على الرغم من انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقطر في الآونة الأخيرة واتهامه للدوحة بدعم الإرهاب.
واتهم ترامب قطر بأنها ترعي بصورة كبيرة للإرهاب علي مستوى العالم. وتأتي تصريحات ترامب في الوقت الذي تعمل فيه وزارة الخارجية الأمريكية علي تخفيف التوتر المتصاعد والعزلة التي تفرضها دول خليجية ودول أخرى بعد قطع علاقاتها مع الدوحة.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أشار إلى مساندته الخطوة التي اتخذتها الرياض تجاه الدوحة، بينما كان مسؤولون أمريكيون آخرون أكثر حيطة، ودعوا إلى إجراء حوار بين الأطراف لإنهاء الأزمة.
ويذكر هنا أن وزير الخارجية الأمريكي لا يحاول التوسط لحل الخلاف الداخلي بين حلفاء أمريكا في الخليج فحسب، والذي يهدد مصالح الأمن القومي الأمريكي. ولكنه أيضا يواجه نقطة ضعف بسبب الرئيس دونالد ترامب، والذي اتخذ موقفا علنيا لجانب أحد أطراف النزاع وربما ساعد على تأجيجه أيضا.
ورغم اتهام وسائل إعلام قطرية، لأبوظبي، بأنها مركز العمليات وإدارة الأزمة ضد قطر، قال سفير الإمارات العربية المتحدة لدى واشنطن يوسف العتيبة إنه لا يوجد جانب عسكري للخطوات التي اتخذتها قوى عربية ضد قطر، التي تتهمها تلك الدول بدعم الإرهاب، مشيرا إلى أنه من الممكن فرض المزيد من الضغوط الاقتصادية عليها.
وأضاف السفير الإماراتي لدى واشنطن: لقد تحدثت والتقيت بوزير الدفاع الأمريكي الجنرال جيم ماتيس، أربع مرات في الأسبوع الأخير، وقدمنا لهم تأكيدات تامة، بأن الخطوات التي اتخذناها لن تؤثر بأي حال من الأحوال على قاعدة العديد، أو أي عمليات تدعم القاعدة أو تتعلق بها.
وكان وزير الخارجية الأمريك ريكس تيلرسون التقى في واشنطن نظيره السعودي عادل الجبير الذي اكد أن بلاده التي تتهم الدوحة بدعم الارهاب، ولكن الرياض لا تفرض حصارا على قطر.
لكن كعادتها وإزدواجية معاييرها، أصدرت الولايات المتحدة إشارات مزدوجة، وهي حليف لجميع أطراف هذه الأزمة، وهو ما أدى على ما يبدو إلى تعقيد التحركات الدبلوماسية لهذه الأزمة التي أثارت ضجة كبيرة على مستوى الشرق الأوسط والعالم. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناور: اننا متفائلون وأن الأسوأ أصبح خلفنا.
من جانبها، حذرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة من اثر المقاطعة الخليجية لقطر على المواطنين العاديين. وحذرت من أن هذه الخطوة قد تؤثر بشكل كبير على حياة آلاف النساء والأطفال والرجال لمجرد أنهم ينتمون إلى إحدى الدول الداخلة في الجدل.
أضافت أن بعض التقارير تؤكد أن بعض الأفراد قد طلب منهم مغادرة البلد الذي يقيمون فيه، أو طلب منهم العودة إلى بلدهم، وأن هذه الإجراءات ستطال المرتبطين بزواج مختلط وأصحاب المصالح التجارية والطلاب. وعبرت المفوضية عن قلقها من إعلان الإمارات والبحرين نيتها سجن أو تغريم كل من يعبر عن تعاطفه مع قطر أو يعارض إجراءات حكومته.
وقال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن بلاده ترفض قائمة المطالب التي تقدمت بها الدول العربية المحاصرة لها، لكنها في الوقت نفسه مستعدة للانخراط في الحوار والتفاوض إذا توفرت شروط ذلك.
وكرر وزير الخارجية القطري، القول إن بلاده لن تقبل بأي شيء ينتهك سيادتها، مشيرا إلى أن تلك المطالب قدمت لكي ترفض وأنها تنتهك القانون الدولي. وشدد على أن الهدف من هذه المطالب هو فرض آلية رقابة على قطر.
ومن جانبها، تري الإمارات أن أنه يجب معاملة قطرة علي أنها دولة منبوذة. مع العلم بأن قطر تتمتع بعلاقات قوية منذ زمن طويل مع إيران وجماعات سنية متطرفة. كما تشترك تركيا وإيران مع قطر في دعم الإسلام السياسي. ولهذا سارعت كل من طهران وأنقرة بدعم الدوحة بعد موقف السعودية ومصر والإمارات والبحرين من قطر.
هذا وتملك تركيا قاعدة عسكرية في قطر، طالبت دول الحصار بإغلاقها، ولكن أنقرة نقلت عربات عسكرية جوا إلى قطر وهي تتجول في العاصمة الدوحة ولمحت إلى إمكانية تعزيز قواتها هنالك بمئات الجنود. ودفع هذا البحرين إلى اتهام قطر بالتصعيد العسكري.
وهناك شعور في الخليج بأن هذا الخلاف بين الجيران أصبح محرجا، وسيؤدي في النهاية إلى الإضرار باقتصاديات واستقرار المنطقة كلها.