أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

عبد المسيح يوسف يكتب: الأقباط في مصر بين الداخل والمهجر .. جدلية من يضطهد من؟

الأقباط داخل مصر وخارجها (في المهجر) لا يختلف أحد علي عشقهم لمصر الكامل، لكنهم في نفس الوقت لا يستطيعون أن ينفوا أن أوضاع الأقباط سيئة، وتحتاج إلى تصحيح جوهري، ويبدأ ذلك بإصلاح الخطاب الديني الإسلامي فيما يتعلق بقضية الأقباط، وهيمنة التوجهات السلفية المتشددة في التعامل مع القضايا القبطية. إن فالقضية موضوع النقاش محل اتفاق كامل بين أقباط مصر وأقباط المهجر، لكن هناك اختلافات جوهرية في طريقة المعالجة، لن أحاول تقييم من صاحب الموقف الصحيح، ومن صاحب الموقف الخاطئ، لأن هذا الأمر نسبي، ولكنني هنا أحاول رصد موقف كل فريق، نعم كل فريق، لأنهم فرق منقسمة للأسف، ولا يوجد بينها أى تنسيق، وإن وجد هذا التنسيق فهو علي المستوى الشخصي وليس المؤسسي، علي الرغم من نبل الهدف، وهو وطنية الأقباط، ومعاملتهم من قبل المجتمع (بقية المصرية) والسلطة المصرية، كجزء أصيل من المجتمع المصرية، وليس مواطنين درجة ثانية أو ثالثة. ويسعني الخوض في هذا المجال خاصة وأنني كنت من أقباط مصر، ومنذ سنوات، أتيحت لي الفرصة للهجرة، ولكنني سأظل وسأبقي شأن كل عاشقا لمصر، ولكل المصريين، مسلمين ومسيحيين، دون تفرقة، خاصة وأن الإضطهاد الذي عانينا منه في المجتمع المصرية، جعلني، واعتقد معي الكثيرين يضيقون بالاضطهاد وينفرون منه، ولذا عندما أجد أى مسلم توجه لديه سلوكيات عنصرية أو اضطهاد في المحيط الذي اتحرك فيه هنا، أحاول التضامن معه، انطلاقا من فكرة أن من عاني من الاضطهاد يعرف جيدا مدى قسوته، وبالفعل كثير من المسلمين يعانون من الاضطهاد والكراهية هنا، بسبب الصورة السلبية للإرهاب، الذي تقوم به جماعات الإسلام السياسي المتطرفة كداعش وجبهة النصرة والقاعدة ودعم دول إسلامية مثل قطر والسعودية وتركيا لمثل هذه الجماعات الإرهابية الدموية، المتاجرة باسم الدين الإسلامي. وكثيرا ما يتعجب أصدقائي المسلمين هنا من موقفي هذا، متصورين أن كل مصري قبطي يكن بداخله الانتقام والكراهية بسبب ما عانوه من اضطهاد وسوء معاملة في المجتمع المصري في بعض الإحيان. وأحاول أن اشرح لهم أن هذا ليس صحيحا، فمن عاني من الاضطهاد، اكرر يعرف مدى قسوته، ولا يريد أن يعيش غيره فيه، حتى لو كان من قام باضطهاده أو بعض أفراد عشيرته بالمعني الواسع. كما أنني مؤمن أن تحسين أوضاع الأقباط في مصر، لن يكون فقط بتحرك الأقباط في الداخل والخارج، وإنما بحركة وطنية مصرية خالصة، تضم المسلمين مع المسيحيين، لتحسين أحوال المجتمع المصرية، وتحريره من الأفكار المتشددة والمتطرفة، التي هيمنت علي المجتمع المصري خلال الخمسين عاما الأخيرة، لأن تحسين أحوال مصر، ورقيها الفكري والثقافي والتعليمي والاقتصادي، يعني تحسين أوضاع المسيحيين، وكذلك المسلمين، معا، في مجتمع يعرف معني العدالة والمواطنة وقبول الأخر. لا يستطيع أحد، أيا كان أن يتهم أقباط المهجر، بعدم الوطنية أو كراهية مصر، بل علي العكس تماما، هم يعشقون مصر، ويتمنون أن يرونها في أحسن الأحوال، بل وفي أحوال قد تناظر المجتمعات الغربية، التي يعيشون فيها، مثل الولايات المتحدة وكندا واستراليا والمملكة المتحدة وسويسرا والنمسا وهولندا وغيرها. ويبدو أن الحياة في المجتمعات الغربية، والحرية الكبيرة في نقد الأوضاع في المجتمعات الغربية، حتى لرأس السلطة التنفيذية، هي ما تجعل ربما بعض أقباط المهجر ينتقدون الأوضاع المتردية للأقباط في مصر بصورة تجعل من بعضهم كما لو كان يهاجم مصر، وليس كمن تنقدها سعيا لإصلاح الأوضاع. علاوة علي أن بعض أقباط الداخل في مصر، يرون أن هذا مغالاة من قبل بعض أقباط المهجر، خاصة وأن لم يعودوا يعيشون في مصر، وبالتالي تخلصوا من ضغوط الأجهزة الحكومية، وخاصة الأمنية، التي من الممكن أن تضيق الخناق علي من يعيش في مصر. في حين يري بعض أقباط المهجر، يرون أن أقباط المهجر لا يتحركون بصورة كافية للدفاع عن القضية القبطي، مثلما يتحرك أقباط المهجر بحمية ونشاط، للضغط علي الحكومة المصرية من أجل تحسين أوضاع المصريين الأقباط. هناك حلقة مفقودة بين أقباط مصر وأقباط المهجر، فيما يتعلق بالدفاع عن القضية القبطية، بعيدا عن مجموعة النواب الأقباط، الذين اكتسبوا مقاعدهم في مجلس النواب، ليس لكفاءة من قبلهم، أو شعبيتهم وسط الأقباط، بل لأنهم أهل حظوة وثقة من قبل بعض رجال الدين المسيحي، داخل الكنيسة، التي رشحتهم للسلطة التنفيذية، ليتم اختيارهم بناء علي هويتهم الدينية، ولكنهم للأسف لا يقومون بأى دور إيجابي للدفاع عن القضايا الوطنية والقبطية، بل يكتفون بالصمت مقابل قبول السلطة لاستمرارهم في مقاعدهم، التي تجلب لهم آلاف الجنيهات شهريا كمكافآت غير مستحقة، لتمثيل الاقباط، وهم لا يمثلون إلا مصالحهم الشخصية، باستثناء فردين أو اثنين منهم علي أكثر تقدير. علي الجانب الآخر، يري أقباط مصر، أن بعض أقباط المهجر ينتقدون، وربما مثلما تصورهم وسائل الإعلام المصرية، الموجهة في بعضها من الأجهزة الأمنية، أن بعض هذه الشخصيات المهجرية تهاجم مصر، ليس بهدف الإصلاح وإنما بهدف تسويد صورة مصر أمام المجتمع الدولي، وهو في جزء كبير مغلوط، خاصة وأن الأجهزة الأمنية ثبت عدم نجاحها في إدارة الملفات الدينية والسياسية والاجتماعية، وليس أدل علي ذلك من كل ما يقال من أن السلفيين تم بث بذرتهم ورعايتها حتى توغلت وتغللت في كل مناحي السلطة التنفيذية من قبل الأجهزة الأمنية لمواجهة توغل تنظيم الإخوان المسلمين في مختلف مناحي ومفاصل المجتمع المصري. مازلت أكرر أن هناك حلقة مفرغة بين أقباط المهجر المنغلقين علي أنفسهم، وإن انفتحوا، ووسعوا دائرتهم، فهم أشبه من يخاف من أن توسع دائرة المهتمين بذات قضايا حتى لا يسحب البساط من تحت قدميه، وهذا أمر صحيح، لأن توسيع الدائرة وفق قواعد موضوعية ومؤسسية يمكن أن يقوى من موقفهم، خاصة بدلا من توسيع دائرتهم بضم أقباط مهاجرين ما بين أمريكا وكندا واستراليا وسويسرا والمملكة المتحدة، من المهم ضم أقباط فاعلين من أقباط مصر، وقبلهم مصريين مسلمين، لتكوين حركة وطنية اجتماعية، علي أرضية مصرية، يمكن أن يزيد من تأثيرهم، ولكن كما يبدو أن بعض أقباط المهجر لا يريد ذلك توسما في نفسه لعب دور القيادة، وربما تكون قيادة، ولكنها في النهاية حتى الآن لا استطيع تذكر أسم حقق أمرا إيجابيا للأقباط ككل وليس لعدد محدود من الأشخاص، حتى مؤتمراتهم من يحضرها، عادة ما يكون مرتبط بهم بمصالح فئوية بعيدا عن المصلحة الوطنية، وهذا أمر يؤخذ عليهم، فضلا عن صراعاتهم وخلافاتهم التي تمس نواحي شخصية، بعيدا عن الأمور الموضوعية، وغيرها وهذا أمر سأتناوله في مقال لاحق. ولا يختلف الحال بالنسبة لأقباط الداخل، الذين يخافون من تضييق الأجهزة الأمنية، وهذا أمر مفهوم ويعلمه القاصي والداني بما فيه أقباط المهجر، الذين لا تزال أسرهم تعيش في مصر الأصيلة، وإن كان بعضهم يريد التواصل مع أقباط المهجر، لكنه يخاف التضييق الأمني، خاصة وأن مقولتهم الشهيرة، أن بعض أقباط المهجر لو كانوا في مصر، ما انتقدوا الأوضاع بذات الحدة، التي يقومون بها من الخارج. القضية ممتدة، وهناك أمور أخري سيتم طرحا لاحقا للتعبير عن تحليلي واجتهادي بهدف تقديم مقترحات ايجابية للم الشمل، وينطلق الكاتب من خبرته، لكونه أحد اقباط مصر، الذين هاجروا منذ سنوات، وبحكم عمله البحثي والصحفي، فهو ملم ببعض .. أكرر ببعض خيوط التفاعلات في هذا السياق، علما بأن البعض من أقباط المهجر غير راضي عن أقباط الداخل .. والعكس صحيح، وكلاهما يتجنب التواصل مع أهم مكونات المجتمع المصري، وهو المكون المصري المسلم المستنير، الذي يمكن الرهان عليه لإصلاح أحوال المصريين: مسلمين ومسيحيين.