أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات اختفاء فيروسات قاتلة قد تكون أكثر فتكاً من كورونا

زينب علي البحراني تكتب: أنقذوا الذكورة بإنقاذ الأنوثة

عندما نتأمل تفاصيل الكون الذي نعيش فيه لا يسعنا إلا أن نلحظ مدى دقة هندسته من كل زاوية، كل شيء متزنٌ متسق حيث لا مكان لزيادة أو نقصان، وأي محاولة بشرية للعبث بهذا الاتزان الكوني تؤدي إلى كوارث طبيعية أو بشرية يتجلّى أثرها المدمر على المدى القريب أو البعيد، وإحدى أجمل تفاصيل الهندسة الكونية وأكثرها دقة ذاك التناغم السحري بين "طاقة الذكورة" و"طاقة الأنوثة" في كل المخلوقات دون استثناء. اهتمت علوم الحياة الصينية القديمة وفلاسفتها بهذا التناغم، وأطلقت على طاقة الأنوثة اسم "الين" وطاقة الذكورة اسم "اليانغ"، مصوّرة إياهما على شكل كُرة ترمز لكوكب الأرض ويتقاسمها اللون الأسود ممثلاً طاقة "الين" الأنثوية" واللون الأبيض ممثلاً طاقة "اليانغ" الذكورية دون أن يطغى أحد اللونين على الآخر، وأكد أولئك العلماء والفلاسفة بعد أبحاث متعمقة أن كلا الطاقتين تستمد قوتها من الأخرى، فلا حياة لإحداهما دون الثانية، وانطفاء إحداهما انطفاء كاملاً يؤدي إلى نهاية حتمية لشقيقتها، ومن ثم نهاية الكون بكاملة. في عالمنا البشري؛ الرجُل هو الصورة المرئية لـ"طاقة الذكورة"، والمرأة هي الصورة المرئية لـ "طاقة الأنوثة"، لكن بعض محاولات العبث البشري بشخصية الإنسان سواء ببعض التصرفات العنصرية أو غير العادلة في التعامل، أو بنشر بعض الأفكار التي ترفع من منزلة أحد الجنسين على حساب قيمة الآخر، يضطرب نظام الطاقتين ويختل اتزانهما، ومن هنا تبدأ آلاف المشكلات التي تحرم الكائن البشري من سعادته الداخلية وسلامه النفسي. وفق هذه الرؤية يمكننا تفسير كثير من الاضطرابات الظاهرة في عالمنا العربي بسبب سنوات طويلة من تمجيد الذكور أمام التقليل من شأن الإناث وقيمة الأنوثة، فهذا السلوك ذو الوعي المُنخفض على صعيد الأسرة أو المُجتمع بكل ما فيه من تمييز عنصري مفرط في قسوته على وجدان الأنثى جعل كثير من الإناث يتخلين عن بعض سماتهن الأنثوية – برضاهن أو رغمًا عنهن- كي يستطعن العيش بكرامة واحترام وبأدنى قدرٍ من الأذى النفسي والجسدي في المجتمعات الذكورية، وهذا أدى إلى اختلال غير محمود العواقب في الاتزان بين طاقة الأنوثة وطاقة الذكورة، وصرنا نرى أجسادًا أنثوية كثيرة تتصرف بعنف وخشونة ذكورية، وتغرق نفسها في المهام الذكورية، ولا تسمح لأنوثتها بالانطلاق إما خوفا على نفسها من الأذى، أو بسبب مشاعر خزي دفينة في أعماقهن من أنوثتهن، وبالمقابل صرنا نرى أجسادًا ذكورية تتصرف بكسلٍ لا يليق إلا بالدلال الأنثوي، وتقاعسٍ عن تحمل المسؤوليات خارج المنزل، وتجاهلٍ لدورهم الطبيعي في حماية الأنثى والأطفال، واستهتار من بعضهم بتأدية أحد أهم الأدوار الذكورية وهو توفير أكبر قدر ممكن من الاحتياجات المادية للأسرة حتى وإن كانت الزوجة تستطيع الإنفاق على نفسها بنفسها، وغير هذا كثير. إذا شاهدنا فيلمًا كلاسيكيًا أنيقا من أيام الأسود والأبيض مثل الفيلم الأمريكي الشهير "كازابلانكا"؛ يُنعشنا ذاك الاتساق والتناغم الساحر بين طاقة الأنوثة المتمثلة ببطلات الفيلم وطاقة الذكورة متمثلة بأبطاله دون أن يكون أحد الجنسين مضطرًا للتحكم بالآخر ومجبرًا إياه للخضوع تحت سيادته، فالنساء رقيقات وجميلات رغم فرصهن في الحُرية الإنسانية والاستقلالية، والرجال يتميزن بالذوق والنبل والشهامة وبقوة ذكوريّة جذابة وثقة هائلة بالنفس لا تقف عائقا في طريق معاملتهم نسائهم بلطف ورومانسية فائقة دون حاجة للسيطرة عليهن، وقتها لم تكن طاقة الذكورة قد تعرضت لما نراه من تخريب، ولم تكن طاقة الأنوثة تعرضت لما نلمسه من تشويه، وهذا ما نحتاج استعادته اليوم عن طريق العودة لذاتنا من الداخل والإنصات لصوتها الحقيقي، فالقضيّة ليست قضية ارتداء فستان مقابل ارتداء بدلة؛ بل قضية مشاعر، وأفكار، وتصرّفات تجعلنا نعيش بالروح المناسبة للجسد المناسب.